( قصة قصيرة ) ( الإمام )
دائم الحديث عن نفسه؛ يتحدث طويلًا عن امجادهِ ؛ كنت أعلم أنه ينحدر من أسرة بسيطة ، فهو الإبن الأكبر لأب يعمل منادى للسيارات ؛ والده يعمل بأجر زهيد؛ ولهذا السبب يستفيد الوالد من يوم إجازته كيومٍ للعمل وليس يومًاللراحة؛
فكان يشتري بعض الأشياء ويقوم ببيعها ليتكسب منها بعض الجنيهات القليلة؛
دائماِ ما يتحاشى ذكر أية موضوعات تتعلق بوالده؛ فهو دائماً ما يحاول أن يبدو شخصًا مختلفًا؛ حتي أنه كان يتجاهل السلام على إحدى قريباته من الأم؛ لإنها وبحكم العمل في نفس المؤسسة ولانها كانت تعمل عملًا بسيطاً؛ يراه هو لايليق ؛
كانت تجمعنى به جلسات وبحكم عملنا المشترك نتحدث كثيراً؛ يحدثنى طويلًا عن أناس كثيرون كيف تحايل عليهم؛ واستولى على أموالهم؛ بطريقة أو بأخرى؛ وكان يبدو شخصا اخر؛ كنت وبقدر المستطاع أتحاشى النظر إليه؛ فشكل عينيه الجاحظتين؛ تجعلنى أرى شيطانِا في جسد إنسان؛ فحتى هيئته؛ وشكله؛ يوحي لي بأنني أجلس على الأقل مع نصف شيطان؛ كهيئة شعره مثلًا والمجعد بشكل غريب؛ كما كنت أرى أيضًا فى عينيه اللون الأحمر القاني؛ وكنت أرى بريقًا شيطانيًا ينبعث منهما؛ الشيء الذى جعلنى أخشى سؤاله وهل رددت ما استوليت عليه من الناس؟
فهو كان محافظًا على صلَواته في موعدها؛ لدرجة أشعرتنى بالتعجب والدهشة؛ رغم ما اتابعه من بعض التصرفات الغريبة؛ فهو من بين الأمور التي يفعلها يتبع سياسة "فرق تسد" ولكن بأداء شيطاني لا أدري هل من المناسب أن أقول عليه رائعاً؛ فقد كان يعطيك السم في العسل بحيث أنك لا تشعر بأي مذاق للسم ولكن لأنه كان يثير إنتباهي كنت اركز معه في صمت فهو يحدثك عن أن زميلك هذا فعل كذا وقال كذا؛ ولكنه هو من تولى الرد عنك؛ ويعدد لك نقائصه؛
ليجعل العقل الباطن لديك وعلى الاقل يحتفظ بهذه النقائص ليذكرها له عند حدوث أية بادرة لأي خلاف قد ينشب بينكما؛ ولكنى وفى اللحظة الاخيرة التزم الصمت ؛
وفى صبيحة اليوم التالي؛ كان يوم راحتي الأسبوعية؛ فذهبت للتسوق؛ وبعد تناولي طعام الغداء؛ ذهبت إلى فراشي؛ لكي أنال قسطاً من الراحة؛ فكنت قد قررت؛ في نهاية اليوم أن اذهب لزيارة صديق لي؛ لم ألتقيه منذ فترة طويلة؛ وكنت قد سمعت مؤخرًا بأنه يمر بوعكة صحية؛ وأثناء عودتى؛ كان قد حان وقت صلاة المغرب؛ منذ قليل؛ فدخلت أحد المساجد؛ التى كنت أمر بها؛
وأنا في طريقى اليه؛ وكانت الركعة الأولى قد بدأت؛ فاخذت مكانى فى أخر صف وما أن أنتهت الصلاة وبدأ المصلون في التحرك من أماكنهم لأداء صلاة السنة؛
وكنت قد إعتدت قراءة أية الكرسي بعد كل صلاة ؛ إلا ووقعت عينيَّ على الإمام؛ الذى كان يصلى بنا؛
لا أدرى لماذا أصابنى خوف شديد؛ وسرت فى جسدى قشعريرة؛
لقد كان هو !! نعم ياللهول؛ أول كلمة حدثت بها نفسى؛ لا أدري لماذا؟
وذهبت لأرتدى حذائى كي أنصرف؛ وأنا أسرع؛ وأردد وبشكل هستيرى؛ أن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر والبغى؛
والناس ينظرون اليَّ في دهشة وذهول؛
ومازلت على حالتى هذه؛ حتى ذهبت إلى منزلى؛ حتى أن زوجتى؛ عندما رأتني؛ على هذه الحالة؛ تطلعت فى وجهى متفحصة و بعد أن تفحصتنى بعينيها؛
صمتت برهة لتسألنى ما الذى ألم بى؟؟
وأنا لا أملك إلا أن أقول لها ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكرِ والبغي
قصة قصيرة / بقلم القاص
والشاعر رشاد على محمود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق