الأحد، 28 نوفمبر 2021

 مشاوير ...52...

_____________


هبت نسمة باردة أنعشتني .كانت في طريقها إلى الممالك الأخرى. تلك التى أصبحت الآن مغمورة  وسط الصحراء ..ربما ما قاله عاشور عن جنيات مملكة تارغلات كان صحيحا ..ثمة أطياف ترقص الآن على هامش التاريخ ..يستثرن فلول القديس الذي يغرف الماء من النهر عبر مصاب تمتد لعشرة أمتار. .في الصيف يقف مولانا الجليل .يرتدي قبعته الواقية .ويحث الفتيات على الرقص .هناك يهبط القمر والشمس .تتمايل الجنيات على أنغام المقرونة. تلتحم وحوش البرية ..وتصبح الصلة بينهم .نسمة باردة يأتي بها المساء .تكفي لتحرير القلوب قبل الجيوب .

أخيرا أحست جميلة بخطاي تقترب من المصرب. كانت الطريق محفوفة بالاشواك نعم بالاشواك .لكنها حين توخز القلوب تدمي أكثر من أن توخز حفى أقدامنا. .تحملنا وعورة الأشياء من حولنا .هذا لأننا نموت في التجربة .وهمومنا نتقاسمها كل يوم فيما بيننا .لكن غيرنا يرى الحياة جميلة من حولنا .الجمال لا نجده أمامنا. ولكننا نصنعه في داخلنا أولا ونبحث عنه في الخارج .هكذا ترى جميلة .وهاهي تمسك بغصن الزيتون ملوحة به في تحية بريئة من طفلة مازالت تعقد شعرها بالستان. .كانت تنتعل قبقاب من السليكون .ركضت دون أن تشعر بالوعور. وقفت أخيرا عند شجرة الكرم .في الحقيقة أنا لا أحب تلك الشجرة .كنت أنوي أن اصرخ لها بأن تبتعد عنها لكنني تراجعت لا أريد أن أفسد عليها بهجتها. تلك الشجرة روحي كانت ستزهق تحتها ذات عام .كنت صغير جدا عندما وقفت تحتها أنتظر أبي القادم من المدينة .ركضت حتى أرهقني التعب .فوجدتها أمامي وعناقيد العنب الأحمر تتدلى من كل فرع فيها .وحين أردت أن التقط عنقود كان في متناول يدي سمعت صوت يسبق الريح مر بالقرب مني .وحين سقط ذلك الجسم الغريب إذ به فاس حاد لمع على بعد خطوتين مني .وحين نظرت خلفي كان سي ضو .هو من رماني به .أنا لم أراه وهذا ما دفعني للمغامرة. 

وصلت أخيرا. تأملت جميلة كما لو أنني لم أراها من قبل .هادئة .وديعة .ترتدي فستان زهري وتورد جداها ليس خجلا بل جمالا .قالت .لم تسمح لي أن أرى مدرستك. لماذا ؟

قلت .خشيت عليك من الحسد .انت جميلة وتبدين أجمل من اللواتي معي أراهن كل يوم في الفصول .ثم تأملتها من جديد   ..مارأيك أن أرى أنا مدرستك في المدينة ؟

_________________

على غالب الترهوني 

بقلمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أحبس سجام العين كفكف

 أحبس سجام العين كفكف أدمعا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أ...