الإخفاء الكبير
أيها السَّاحر العظيم ما أروعك
شققت الرَّغيف نصفين وجعلتهما يتقاتلان
ويشرب الواحد منهما دم الآخر
ورفعت الهرم
ليسبح في الهواء دونما وزنٍ أو تاريخ
وكأنه بالونٌ لا حجر
ثم لا أثر
وأتيت بالبيت الحرام من خلف السِّتار
ليحج إليه الرَّاقصون والعراة
في حفلةٍ تنكريَّة الأديان
الهي من هذا؟
أراه يشبه أبرهه!
لكنه لا يركب الفيل
بل يمشي على بطون نسائنا
وفوق ظهورنا نحن بلا هدف
دعني أحييك وأكتب فيك شعرًا
أعرف أنه لن يخلدك
فما أتعس الشُّعراء بعد اعتقال الحروف
وتسعير الكلام
وحفظ المشاعر في صوامع الغلال
خذ يا سيدي زوجتي إنها ممنهجة
ومبرمجة ضد الحديث والحكي
لغتها الاستعراض والحركات
عفًوًا فهي ليست هنا
خذني أنا
لا أملك يا سيدي السَّاحر العظيم
إلا حطامي وأشعاري
خذهم وأعد لي وطني
في مكانه القديم
فلمن يأتي القمر بالحليب؟
والشَّمس باشتراك الخبز والتَّموين
وأين تنام قصيدتي؟
وكيف ندفن الشُّهداء يا سيدي؟
وإلى أين يسبر النَّخيل ولا مدى؟
أنا لا أرى النِّيل يصلي بالرِّمال
فهل أخفيت الموج أيضاً والظِّلال؟
وهل حولت كل الأشجار إلى نساء؟
ثم أخفيت أجسادنا وقلوبنا
ولم تظهر منا إلا النِّعال
كل شئٍ هالك با سيدي السَّاحر العظيم
حتَّى الزَّمن
أرجوك أعد لنا الوطن
والوطن القديم
بكل بثوره وجراحه وثوبه المهلهل
ووجعه السَّقيم
أنا لا أريد وطنًا من الزُّجاج
ولا سريرًا من خشب النُّور أو العاج
لا أريد الحقل إسفنجًا من بحر السَّراب
أو التَّرتان
ولا ماءً من سحابٍ معدني الأنواء
أريد طين توبتي
لا وطن صوبتي
ولك ما جمعت من الحليِ والنَّعيم
**
أحمد طرشان/ مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق