هناك …
بين دفتي البلل و الغرق
طائر يجازف بجناحيه
لأجل السفر بحرا …
باحثا عن قبلة تفقد الشراع
عذر الرجوع إلى الموانئ
راجيا الزمن أن يوقف عقاربه
على إيقاع فرح مائي …
فيغدو في قبضة الثواني البحرية …
متحررا من جرح الرمال…
هناك …
يزرع الملح لونه
في ذاكرة السمك …
لتنسى ثأر موتها
و تعود مشتاقة لقاتلها …
في هذه الطاولة الزرقاء المستديرة
يجلس الليل شاعرا ببكاء المنارات
يتلو غبطة القناديل المستوحاة من مدامع البروق …
يمرر أصابعه على الخصلات المتجعدة
يشعل الكبرياء
يدخن الصمت
يغازل الصخور التي يرتطم بعنادها كف النسيان …
و ينسحب من حربه الخاسرة
بكسر حدود المدى
الليل سيد المنام …
تنام عينه حين تهدأ النوارس عن طلب اللجوء
و يسترجع أميالا من مساحته المشطوبة
فيستلقي على فراشه المائي …
مرددا النشيد و ممجدا الثوب الحريري
للبحر الذي كشف صدره لتطعنه السفن الراحلة
امتد على رقعة المأساة
ليضيء درب المنهزمين في خريطة مجروحة …
خال هو من الطرقات
و ضجيج المباني الميتة
من مراوغات الأعمدة
و المنعطفات الضائعة
من خطى الوعود المزيفة
و أصفاد الذكريات الناعمة
هنا في ذاكرتي …
تمر الحروف غائمة
لتشاطر الموج المتكاسل
رقصة على صوت الهدير…
يبادلها الخطوات حين تقترب
و في البعد…
تذهب مبللة بحركاته …
يحملها على عنق الزبد
لتلقي بأوجاعها في مهملات الشواطئ
و تعوده بشغف الشعر للعوم …
علّ تجاويف سطوره تكتبها غرقا مشتهى
راوية شعيبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق