الثلاثاء، 10 أغسطس 2021

عبده داود

 أزاي عروستي

بقلم: عبده داود

اقصوصة من نبض الماضي

آب 2021

حدثني صديقي عبد الله قال: كنت في سن الشباب أبحث عن حب يملأ حياتي ويسعدني

بحثت في كل الحارات، خاب قلبي ولم أصادف نصفي الجميل.

سحب نفساً من سيجارته وتابع: أحياناً كنت اتوسم الحب مع إحداهن، لكن هي لم تكن تعجب بي، وإذا احداهن أعجبت بي، قلبي لم يكن يعجب بها... 

مر الزمن، وأنا ابحث عن حبي الضائع، علني أصادفه، أحبها وتحبني...ونعيش قصة حب تتكلل بوحدة العمر...

في إحدى الرحلات من بلدتنا النبك إلى الساحل، جلست مريم بجانبي، صدفة، أو قصداً لا أدري، تحادثنا طويلا، في مختلف المواضيع ورقص قلبي لها طرباً، ويبدو هي أحبتني أيضاً، عيوننا هي التي باحت بسر قلبينا 

مريم باحت لصديقاتها بأنها تحبني، بينما أنا أسدلت الستار عن سر قلبي، لكن جميع أهل القرية عرفوا بأن قصة حب جديدة تدور في الخفاء...

آنذاك لم يكن التلفاز الملون قد وصل بلدنا بعد، كانت عندنا محطة أرضية وحيدة حكومية، تقدم برامج فاشلة باللونين الأبيض والأسود. 

لذلك كان أهل ضيعتي يبحثون عن وسائل تسلية لتقطيع الوقت. النساء كن يغرزن بسنارات الصوف، ويحبكن قصص النميمة. والرجال كانوا يتسلون بورق اللعب (الشدة)... 

نحن الشباب... غالباً ما كنا نتسلى بألعاب نخترعها، ومنها تلك اللعبة التي لا تزال تفرحني، كنا نسميها (ازاي عروستي).

تتلخص تلك اللعبة، بخروج من تقع عليه القرعة إلى خارج المكان...

الاشخاص في الداخل، كانوا يضمرون شيئاً ما، أو موضوعاً ما، وبعدها يدعون الشخص الذي خرج إلى الدخول. يبداً ذاك الشخص، يسأل الموجودين واحدا بعد الآخر بالترتيب، (ازاي عروستي) أو (ازاي عريسي) إذا كانت السائلة انثى، وكل واحد منا يعطي السائل جوابا صحيحاً مختصراً، يصف به ما ضمرنا به.

ولأوضح أكثر: مثلاً لو كان المضمور عنه شخصاً ما، تكون الأجوبة حول ذاك الشخص... 

يقول الأول مثلا: طويل، الثاني يقول: أسمر، الثالث يقول: ذكي، ويبقى السائل يسأل، حتى تتكون عنده مجموعة معلومات، حتى يعرف السر. أو عليه أن يعيد الدوران والأسئلة من جديد حتى يعرف السر. طبعاً الذكي هو من يعرف السر بسرعة... 

يتوجب على الشخص الأخير الذي عرف منه السائل الجواب، الخروج من الغرفة كعقوبة له، لأنه أعطى صفة جعلت السائل يكشف السر الخفي، يخرج هذا الأخير ويتم اختيار موضوعاً جديداً 

في تلك السهرة، أكتمل معرفة المعنى من مريم، وكان عليها الخروج من الغرفة. المجموعة كانت تعرف بان مريم تحب عبدالله أقصد تحبني، وأدركوا بأنني أنا أحب مريم. 

لذلك اختار اصدقاؤنا موضوعاً، (عبدو يحب مريم) 

دخلت مريم إلى الغرفة، وبدأت بالسؤال (ازاي عريسي)

وكانت الأجوبة تتجمع في ذهنها...

عندما وصل الدور عندي، سألتني مريم بغنج (ازاي عريسي يا عبدو)؟

قلت: بصراحة يا مريم عريسك اسمه عبدو وهو حابب غندورة...

ردت مريم وقالت والغندورة علقانه في عبدو... وضحكنا وضحك الجميع وتعالت الصيحات والتصفيق والزغاريد والتبريكات...

تزوجنا أنا ومريم، ورزقنا الله أربعة أولاد، وتزوج أولادنا، ورزقهم الله اولاداُ، واليوم قارب أحفادنا سن الزواج...

إلى اللقاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بين الجدرلن بقلم عمر طه اسماعيل

 بين الجدار وذا الجدار حكاية  وحكاية وخواطر ورواية وتدور من حولي الحروف فأنتقي  بعض التي تجتاح قلبي جمرة وتحط في سطري القوافي كلما  زار الحن...