الخميس، 3 ديسمبر 2020

كلمات بقلم عباس حسن

 عباس حسن – مصر – الإسماعيلية

                           الخوف القاتل

     كعادتنا نحن الأربعة، أصدقاء الطفولة والجيرة، نجلس في مدخل قريتنا كل مساء، بجوار الترعة، تحت شجرة الصفصاف.

نتبادل النكات والأحاجي، وحكايات البطولة، وكل منا يتبارى في إظهار شجاعته، نحكي عن المواقف التي نتعرض لها، وكلٌ منا يصيغها حسب

هواه، كنا نتسابق عدوا، كان يسبقنا، كنا نتصارع، كان يصرعنا، كانت بنيته قوية، ملامحه حادة، صلب الإرادة، دائما ينتصر لنفسه

ذات ليلة سرقتنا الحكايات حتى منتصف الليل وكانت ليلة غاب فيها القمر، تكاد لا ترى أصابع يديك، فجأة سمعنا صوت ارتطام قوي بالماء

جفلت قلوبنا، ارتعدت مفاصلنا، إلا هو لم يهتز بل انتابته نوبة من الضحك وبدأ يعايرنا بخوفنا، ويتباهى بشجاعته، وأنه لا يخاف من شيء

     عند المدافن توجد ساقية مهجورة، يخاف منها الناس نهارا، شهرتها

أنها مسكونة، بها جنيٌ مارد، لا يقترب منها أحد ليلا.

     أحدنا قال له: إن كنت شجاع حقاً اثبت لنا ذلك

فقال: وكيف أثبت شجاعتي 

قال: تذهب الآن إلى الساقية المهجورة، 

فرد قائلا: تمام هيا بنا نذهب الآن،

فقال: لا تذهب لوحدك وتثبت لنا أنك ذهبت

قال: وكيف ذلك؟

فقال: تأخذ هذه القطعة من الخشب وتدقها بجوار الساقية وتعود ونحن نذهب نهاراً لنتأكد أنك فعلت ذلك،

     بلا خوف انطلق يحمل فأساً وقطعة الخشب وذهب إلى الساقية ونحن

نرقبه بنظراتنا حتى اختفى، تخطينا منتصف الليل بحوالي ساعة.

     مضى الوقت بطيئاً ونحن ننتظر عودته، مرت ساعة ولم يعد. تملكنا الخوف، اقتربت صلاة الفجر ولم يعد، شحبت وجوهنا، ارتاعت قلوبنا.

أشرقت الشمس، ذهبنا والذعر يلاحقنا،

     رأيناه، ملقي على الأرض، وجه أزرق، جسد متجمد، الفأس إلى جواره.

     في الظلام، دق قطعة الخشب فوق جلبابه، انتابه الخوف، مات.

                       قتله الخوف

                  نعم شجاع قتله الخوف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

طفلة الشوق

 ( طفلة الشوق )) ومن النساء أنت  طفلة تخطفني إلى عالمها تتقلب ما بين صدري وقلبي ترسم بيديها قبلة فوق جسدي ونار الحب تحرقني تغازلني تعانقني  ...