لأجلك قطعت كل المسافات
و أسلت حبري دموعا و آهات
و تعلمت كيف أتحدى صعاب المنالات
و اتحمل أوجاع الخيبات
و أقاوم صدى القلب الحزين مرات و مرات
و كيف أصير الجليد نورا في الظلمات
و كيف أنتقي لدهري هدابا من الأزمات
و أن لا تختفي بعد طلوع الفجر لحظات
أحتاجك فيها شوقا و اختلاجات
و أن يعود بعودتك إلى الحياة كل الأموات
و أن أتعلم من فراقك كيف أدفن في صدري الهمسات
و أن لا أفلت من عقاله لسانا يروي السيئات
في سبيلك أفنيت عمرا وشحته الصدمات
و في سبيلك أنفقت جسدي على النحاة
كي يخطوا طيفك على بدن ضرجته السياط
و أخاديدا حفرت جنباتها حسرات
و تعلمت من هجرك كيف ألوذ من جور الحسان بالعاديات
و كيف أستجير بالظلمة من الظلمات
و كيف يسخر المسيئ من الحسنات
و كيف يعود الطير إلى الوكنات
و كيف تغادر السباع في ليلة قمرية الفلاة
و تسائلني لماذا ترهل الجسد ذاويا فتاتا فتات
و لا تعلم سر ذبول الزهرات اليانعات ؟؟؟؟؟
و عن سهر خافت مل حزن النظرات
و ليل طويل لم ينته مع وخز النسمات
و عن قدر أفاض على البشر بالسخريات
و أجل حل و لم يطل محملا بالافات
و غروب نسج من تلال الفناء باقات
هدية لفجر يحتجزني لساعات
و عيون اغرورقت و لم تلفظ كل العبرات
و كم حاولت خداع الأرض بالنظر في السماوات
أسند رأسي كما كنت قبلا و أرتوي بالقبلات
و أقضي ليلا أتأمل وجهك و أنسج الحكايات
و لما وصلنا إذ كنا في إحدى الأمسيات
و لم أكن أدري أنها آخر اللقاءات
و بداية السنوات المتعثرات
و أن المجهول من بعيد آت
يحتمل لي ما أعد من سيئ المفاجآت
يجيئ متوعدا باغتيال الحلم و الحياة
و جنونا هز كيان العاشقين و العاشقات
و ملأ بالحزن الأليم بحارا و محيطات
بوجودك امتلكت الدنيا لحظات
و لما افتقدتك نثرتها على الصبح الآفلات
و لم أنتظر قدومك و الموت فكلاهما مأساة
و ما انطفأ نور الشمعة ليلة فلون عينيك شمعات
و ما أخافتني وحدتي و لا تهافت الجميلات
و لم تملأ غيابك حتى أجمل الأميرات
لو تعلمين ما كنت لي ما صرت يوما من المفارقات
و لو تعلمين من أنت لعدوت فسبقت الفلك الجاريات
و لو علمت فيما علمت أنك حور من الحوريات
لعشقت الحياة لأجلي و هجرت باقي الأمنيات
و لو كان الخلود من عهد آدم إلى ما دام من الباقيات الصالحات
و لطرحت من دنياك كل الشهوات
يا درة الصمت في الخلوات
و حبيبة المعذبين عند الأمسيات
و شقيقة من افترشوا الثرى و ماسوا على كل الجنبات
و تمردوا على الرهبان و الراهبات
و شربت كأسي بعيدا عن كل الغانيات
و سلمتك روحي بأحلامها و الجراحات
و تلاعبت بي كتلاعب الرياح بالورقات
و دغدغتني بأشذى العبارات
أغارت على قلبي صبري و الزفرات
و لقد نسيت أني شاعر رغم أنفي
و أني أجر على القرطاس فأحيله كلمات
و أن البيت مني يرفعك رغما عنك
و يلحقك بالجفا و المضنيات
و أني ما سهرت يوما إلا لأني
ما زلت عاشقك حتى المماة
********
البشير الحاج الحمروني
بنزرت في 14/09/06
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق