****** في الغرام ليس تجدي توصيات ******
أنتَ في عمْرِ الزهورِ يا بُنيّ
مثلما كنتُ وكانتْ أمّكَ منذ عقودْ .
وهي سنٌّ تُزهِرُ فيها القلوبُ
والإناثُ تَغْدُو فيها مَلِكاتْ .
لَنْ أقولَ لكَ يا ابْني :
" لا تُحٍبَّ دُمْيَةً عَمْياءَتُلهيكَ عنْ شقٍّ طَريقٍ تَرْتَضيهِ في الحياةْ.
وَلْتُحِبّ صِنْوَ رُوحٍ تَرْضَى بالزادِ القليلْ
دُونَ أنْ تُغْويها يَوْمًا في الطريقِ شَجَراتْ
ظِلُّها يَبْدُو ظًليلْ" .
فَالْحياةُ علّمَتْني
أنّ في شرْع الغرامِ ليْس تُجْدي تَوْصِياتْ .
قدْ يُحبّ القلبُ أنْثَى
ليْس فيها ما يٌحبّ العقلُ يا ابْني مِنْ صِفاتْ .
فلْيَكُنْ ما سأقولُ مِنْ قَبيلِ الأُمْنِياتْ .
أتمَنّى أنْ تُحبّ قَمَرًا تَسْبي البَصَرْ
تَعْشَقُ الطيْرَ والنّحْلَ والزّهْرَ وأصْنافَ الشجرْ
غيْرَ أنّ عِشْقًها الأكْبًرَ يا ابني يَبْقى دَوْمًا لِلْبَشرْ .
تَأْلَمُ لِلْغصْنِ يَذْوي قبْل أنْ يُفتّقَ الأكْمامَ زهْرُهْ
ولِعشًّ يتهدّمْ قبْلَ أنْ يَفْقِصَ بَيْضُهْ
أو لِقِطّ قدْ يُداسُ دونَ رَحْمَهْ
غيْرَ أنّ هَدْمَ بيْتٍ فوق كلّ ساكنيهِ
ودموعَ الأمهاتِ والثكالَى
وصنوفَ الظلمِ تُدْمي قلبَها الحسّاسَ أكثرْ .
قدْ يزورُ الحزنُ عينيْها ولكنْ
لنْ يُِقيمَ فيهما اليأسُ مآتِمْ
مهما ظلّ الحزنُ في القلبِ دفينْ .
قد تَنِدّ آهةٌ عن شفتيْها
إنْ رأتكَ شاحبَ الوجْهِ حزينْ
تُبْحِرُ عيناها في عيْنيْكَ إن لُذْتَ بِصمْتٍ
وتُعَرّي ما كَتَمْتَ مِنْ جِراحٍ وأنينْ
غيْرَ أنّ قلبَها لا يَفْقِدُ الإحساسَ قطّ بِجِراحِ الآخرينْ.
أتمنّى أنْ تكونَ لكَ يا ابْني تارةً أخْتًا شقيقهْ
تَحْفَظُ السرّ وحِينًا تَغْدُو أمّا قلبُها نبْعُ حنانْ
وتُشيعُ البَسَماتِ والحُبورَ كصديقهْ
وتكون لكَ يا ابني أختَ روحٍ ورفيقهْ
ترْفعانِ جبهةً للشمسٍ تأبَى الإنحناءَ لِلْهَوانِ .
لا وصيٌّ لا مكمّلْ
إنما تَشْترِكانٍ
في عذاباتٍ ونصْرٍ مِثْلَ أحرارِ بلادي.
نحن يا ابْني لمْ نُمَتّعْ بالشبابِ
زهرةُ العمْر تقضّتْ في المنافي والسّجونْ
لوْ تَكونوا أحسنَ حظا وأسعدْ
كلّ ذاكً سَيَهونُ سًيَهونْ.
عمار العربي الزمزمي
الحامة ، تونس،فيفري 2015
من ديواني " حديث سقوط المدائن".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق