قلوب جريحة
الحلقة 8
ذهب أبو فادي إلى بيروت من أجل بيع ذهب زوجته وإحضار ورشة حفر بئر في أرضه.
هو يعرف صائغاً كان أبو فاديا يشتري منه ذهباً يهديه إلى زوجته، أو إلى أصدقاء في العائلة في المناسبات المختلفة، وخاصة في الأعراس.
توجه أبو فادي إلى ذاك الصائغ مباشرة، لأنه يثق به وتربطهما معرفة حميمة. وكانت المفاجأة كبيرة، عندما شاهد أبو فاديا عند ذاك الصائغ، أبو فاديا عانق أبو فادي بحرارة، وقال له سامحني يا أبو فادي أنا أخطأت بحقك.
قال أبو فادي: لا يا رجل ما الذي تقوله؟ ابني هو الذي أخطأ ويستحق العقاب.
سأله أبو فاديا: ما الذي جاء بك إلى هنا؟
قال أبو فادي عند زوجتي ارض صغيرة ونود زراعتها وجئت إلى بيروت أبحث عن ورشة تعمل بحفر الآبار. وها أنا أبيع مصاغ زوجتي من أجل البئر.
قال أبو فادي وأكيد أنت جئت تشتري ذهباَ كعادتك.
قال أبو فاديا: لا، هذه المرة أنا لا أشتري ذهباً، أنا أبيع ذهب زوجتي. واغرورقت عيناه بالدموع.
أبو فادي لم ينطق بحرف عندما شاهد عينا أبو فاديا غارقتان بالدموع.
أبو فاديا أخذ شيكا بالمبلغ ثمن صيغة زوجته، وأبو فادي أخذ مبلغاً نقديا ثمن صيغة زوجته. وخرج الاثنان من المحل.
طلب أبو فادية سيارة من مكتب يتعامل معه،
سأل أبو فادي، أين هي سيارتك. قال تعال أركب معي وسوف أخبرك قصتي.
قال أبو فاديا، في سفرتي الأخيرة إلى الصين، عرض عليّ أصحاب أحد المعامل الذين أتعامل معهم بضاعة جيدة وبنصف السعر. شرط أن أشتريها كلها. وهذا ما حدث. دفعت كل ثروتي واستندت من أصدقاء لي حولوا لي مالاً إلى الصين واشتريت كامل البضاعة وأنا أطمع في تحقيق ارباحاً كبيرة لي شخصيا، لا تخص شركائي بالشركة، لأن هذه الصفقة هي من مالي الخاص، وهي لي شخصياً وقد دفعت فيها الملايين أو بالأحرى كل ما أملك. حتى كتبت سندات أمانة إلى الصينيين. موثقة بأختام المصرف. وشحنت البضاعة وعدت إلى لبنان متأملا أن أربح الملايين وأشتري حصص شركائي في شركتنا.
وضعت البضاعة في مستودعات الشركة حتى أجد لها مستودعا آخر مستقلاً لي.
وفعلاً أوجدت مستودعاً، في الدورة في بيروت. وأحضرت سيارات وعمال وذهبنا إلى مستودعات الشركة حتى ننقل البضاعة المذكورة. من مستودع إلى مستودع، وكانت الكارثة الكبيرة، كان المستودع خالياً تماماً من بضاعتي وحتى من البضاعة التي كانت في الشركة والتي لي فيها الجزء الأكبر.
الشرطة أجرت تحقيقات كثيرة، ولم تفلح، وسجلت الواقعة ضد مجهول، وأقفلت التحقيق...
لكنني فهمت من المحامين المستأنفين الذين يدافعون عني، بأن شركائي على الأغلب هم الذين سرقوني بمعاونة رجال شرطة فاسدين، وبمعاونة الحراس الذين اختفوا، نقل اللصوص البضاعة المقدرة بالملايين إلى مكان مجهول...
أصحاب البضائع الذين اسلفوني قروضا حتى أتمم مشروعي، رفعوا دعاوى يطالبون بحقوقهم وهددوا بتقديم سندات الأمانة إلى الحكومة.
أقنع المحامون الدائنين برهن البيت والسيارة لهم، بغية التمهل بعض الوقت.
وها أنا الآن أبيع صيغة زوجتي لأدفع بعض ما يترتب للمستحقين.
دمعت عينا أبو فادي وقال، أنا عملت معك عمراً، وأعرف بأنك إنسان نزيه، وقد ساعدتني كثيراً عندما كنت أعمل عندك، دعني الآن أرد بعضاً من معروفك.
اليوم جاء الوقت كي أرد لك بعض معروفك قدر امكاناتي المتواضعة. هذا المال ثمن صيغة زوجتي جئت إلى بيروت لأبيعه، هو ضئيل جداً أمام حاجتك، لكنه قد يساعد، وكما يقولون: بحصة تسند جرة. تفضل خذ المال هو لك وسوف ترده لي عندما تظهر الحقيقية، وتسترجع أموالك غير منقوصة إن شاء الله. غمر أبو فاديا الرجل الذي كان سائقه. وقال فعلاً الدنيا لا تزال تزخر بالخير.
قال أبو فاديا أنا الذي طردتك من بيتي، وأنت تساعدني وتعطيني مالاً أنت بحاجته...
رفض أبو فادي بشدة أن يأخذ سند أمانة من أبو فاديا ومزق السند وقال: سامحك الله يا رجل، أنت طردتني بدافع الغضب، لكنني على ثقة بأنك انسان طيب جداً، أمين ومخلص. وسوف تعيد لي مالي عندما تسترجع مالك بالكامل، ويدخل السارقون في سجن لا تنته مدته.
طلب أبو فادي من السائق أن يوقف السيارة حتى ينزل، لكن أبو فاديا أقسم بألا ينزل قبل أن يتناول وجبة الغذاء مع العائلة في المنزل، ويسلم على زوجته وابنته...
لا تسألوني أصدقائي كم فرحت العائلة بوجود أبو فادي، وخاصة فاديا التي احتارت ماذا تفعل وهي تضحك من صميم قلبها. هل ترقص؟ هل تغني؟ للمصالحة الحاصلة...
إلى اللقاء في الحلقة التاسعة 9
الحلقات السابقة تجدونها في "مجموعة رواياتي"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق