(صناعة الجنة)
إكره. أحسد. أفتن. إغضب. تشاءم.
تتبدّل كيمياء جسدك. يعتل جهازك المناعي . ينهك رأسك الصداع.
وتشعر بالنار تنهش صدرك وعظامك.
أحب. إضحك. إلعب. صادق. تفاءل.
ترى ورود الدنيا تتفتّح أمام ناظريك. تشعر بالهواء يدغدغ صدرك ورئتيك.
تتوقّف معاركك الليلية مع الوسادة. تستفيق في الصباح الباكر ، فترى الشمس متلهفة لقدومك. ليحضن فجرها فجرك. ويعانق ضياؤها ضياءَك.
تفتح شبّاك غرفتك ، فتزقزق لك عصافير الأمل. وترقص لك فراشات الفرح. وتنتشي بالمواويل نسائم الريح.
تحدّق في غصن شجرة ، فترى الدنيا كلها ترفرف من غصنها لتحط كالطفل على أغصانك.
حين تحب. حين تعشق. حين تعمل. حين تساعد. حين تحمد الله على كل شيء ، تتوحّد خلاياك فيما بينها ، لتصبح بحجم كون.
بحجم أمل.
فيُزرع فيها الخيرُ ، لتحصد فيك الجنّة.
وحين تكره. وحين تفتن . وحين تحقد. وحين تكون أنانياً. وحين ترتضي ظلم الآخرين لأجل مصلحتك الشخصية ، تتقزّم خلاياك لتصير بحجم ذرّة.
فينهش بعضُكَ بعضَك. ويعلن أعضاء جسدك الحربَ فيما بينها.
تتفجّر فيك ألغام الموت. ويرتشف الحقدُ دماءَ شرايينك ، ثم يلفظك كالجيفة على قاطع طريق .
هذا درب الشر لو سلكته :
يُزرع فيها النار ، لتحصد فيك جهنّم.
الجنّةُ والنارُ ليسا قدرين نعيش إحداهما بعد أن نموت.
الجنّة والنار خيارٌ ، إمّا أن نحيكه ورداً بأصابع أيادينا ، أو نكوّره قنبلةً تدمي إنسانيتنا وتؤذينا.
(بقلم ربيع دهام)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق