قرّائي الكرام تحياتي العطرة للأذهان النّيرة
من المؤكّد أنّهُ كُلّما تغلغلتْ في أعْماق تَفكُّرنا الأفْهامُ واسْتَيْقظَ من سُباتهِ الإلْهامُ غَرّدتْ الأقلام وَدَوّنتْ مشاعِرها على صفحات الأيّام والشّهور والأعْوام.تُعَطّرنا بنسائم البيانِ حروفُها وتَحْمِلُنا إلى عوالمِ الإبْداعِ ظُروفُها.وَنحنُ نقطَعُ خلْفها الأشْواطَ فنكتشفُ الألْوانَ والأنْماطَ والفواصلَ والنّقاط.
إنّها الأقلامُ التي تخْتَلِسُ بِلُطْفها الأحلام صافيةَ الجواهرِ زاهيةَ الأزاهرِ ليّنةَ الأعْطافِ ناعمة الأطْرافِ.تُدْرِفُ الدُّموعَ وهي مُبْتَسمَةٌ وَتَسْكُتُ وهي بما يُطْرِبُ السّمْعَ مُتَكلّمَةٌ.قدِ اعْتَدَلتْ مفرداتُها وتَفَنّنتْ في إدراكِ المَعاني اسْتعاراتُها.وبذلك أشْرقتْ في سماء الرّوْعَةِ سُعودُها.وهذه لغة الضاد تتحدّث بلسانها نظماً ونثرا.
أنا العربيةُ الفُصْحى
دعوا الأقلام تكْتُبُ ما يُفيدُ***فإنّ العـــــقْلَ يُنْعِـــشُهُ الجــــــــديدُ
لُعابُ مِدادِها يُحْيي الأماني***وأحْرُفُ رسْمِـــــها مــــــددٌ مديدُ
تُسافِرُ بالعُقولِ إلى زَمانٍ***بِهِ التّاريخُ في لُغَــــــتي مَجــــــــيدُ
وتَنْقُلُ بالبــــيانِ لَنا تُراثاً***منابِــــــعُهُ تُـــــعَلِّمُ ما يُفـــــــــــــيدُ
وبِالأَقْلامِ نَفْتَحُ بابَ نورٍ***لِنَــــــبْنـــــيَ بِالمَــــــعارِفِ ما نُريدُ
////
أنا الفُصْحى مُباركةُ الأُصولِ***أجوبُ بأحْرُفي كلّ الحـــــقولِ
وَسِعْتُ الكَوْنَ في القُرآنِ علماً***بِوَحْيٍ رامَ مُخْتَلفَ المُيـــــولِ
وَعِلْمُ النّحْوِ أَكْسبني الْتِحاماً***بِهِ الإعْرابُ بَسّطَ في الحُـــــلول
أنا العربيّةُ الفُصــــحى بِناءً***أُقاوِمُ بالحِفاظِ على الأُصــــــولِ
وإنّ حَضارتي بالنّورِ جاءَتْ***كَشَمْسٍ في السّــــماءِ بِلا أُفولِ
////
أنا عربيّةُ الفُــــــــرقانِ دينا***ووحْــــــيُ الله ربّ العالمــــــينا
رَبَطْتُ الدّينَ بالدُّنْيا انْسِجاماً***مــــــــع هدْيِ الجُــدُودِ الأَوَّلينا
وباالإسْلامِ نِلْتُ المَجْدَ روحاً***فَصِرْتُ بِأَحْرُفي حَبْــــــلاً مَتينا
نَزَلْتُ على رسولِ الله وَحْياً***بِنورِ الأنْبياءِ المُــــــرسليـــــــنا
تَزيدُ تِلاوتي الأَذْهانَ رُشْدا***فَيَخْشَعُ مَنْ أَحـــــبَّ الله فيـــــــنا
////
أنا الفُصْحى تُجَدّدُني حُروفي***وقدْ هَبَطَتْ إلى الأَدْنى ظُروفي
غَدَوْتُ لدى الوَرى لَغْواً عَقيماً***أعيشُ مَعَ الجَفافِ بِلا قُطوفِ
وَقومي جُلُّهُمْ هَجَروا لِساني***وناموا في الأخيرِ مِنَ الصُّفوفِ
كأنّ ثقافة الدّجّالِ هَــــــبّتْ***فأحْرقَتِ الفَصيحَ منَ الحُـــروفِ
ولنْ تحْيى الثّقافةُ بالتّمنّي***إذا عَزَمَ الشّبابُ على العُـــــزوفِ
////
عليْنا أنْ نعودَ إلى الأصالهْ***بِتَرْقيَةِ الثّقافةِ والعــــــــــــــدالهْ
عليْنا أنْ نَقـــــومَ بما عليْنا***مَخافَةَ أنْ تُحاصِرَنا الضّـــــلالهْ
فَنَحْنُ اليَومَ نَمْشي في طَريقٍ***يُعَبِّدُها تَجـــــــــاهُلُنا الرّسالَهْ
وهذا في ثقافَتنا خطــــــــــيرٌ***وَنَهْجٌ تَسْتَـــــــعينُ بِهِ الحُثالهْ
فيا لُغةَ الهلالِ كفاكِ فَخْراً***بأنّكِ تَنْشُرينَ هُدى الجـــــــــلاله
محمد الدبلي الفاطمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق