الخميس، 25 فبراير 2021

كاتب القصة: عبده داود

 قلوب جريحة

الحلقة 7

لم يغب منظر سعاد وسمير عن فكر ام سعاد عندما رأتهما  يتبادلان القبل، وكانت ترتجف وتريد أن تمسك برقبة ابنتها وتخنقها، لكنها تماسكت وتظاهرت بعدم الاهتمام.

 تحينت أم فادي فرصة مناسبة وسألت سعاد ابنتها وهي مبتسمة وتتظاهر بالمزاح، قولي بصراحة، هل أنت تحبين سمير ابن جيراننا؟ 

ارتعشت سعاد من السؤال، وأحمر وجهها وتلعثمت بالكلام، وقالت ما هذا الذي تقولينه يا أمي؟ أنا لا أحب أحداً.

قالت الأم: أجمل أيام عمري كانت عندما أحببت أبوك، كنا نتواعد عند نبعة الماء ونقطف من شجر التين ونتحادث، وأجمل اللحظات كانت عندما تتلامس أيادينا ونحن نقطف من ذاك الثمر اللذيذ...

كان أبوك دائماً يحاول أن يسرق قبلة مني، كنت أتهرب أنا  وامانع الأمر، لكن في الحقيقة كنت أتمنى أن يحدث ذلك، بل كنت أذوب شوقا لأحصل على قبلتي، لكن كنت احرق ذاتي حتى لا أضعف   وهو يظن بأنني فتاة رخيصة، ولو طاوعته لكان طلب المزيد، والمزيد، وبعدها يحتقرني، ويختلق طريقة ليهرب مني، ويبحث عن فتاة أخرى يحترمها.

هكذا هم الرجال. يظنون بالفتاة التي تطاوعهم على شهواتهم، بأنها رخيصة وبعد أن يشبعوا رغباتهم، يتركوها ليبحثوا عن فتاة أخرى يحترمونها.. 

أنا كنت أقوى من ذاتي، وهذا ما جعل والدك يتمسك بي أكثر، ويحترمني أكثر، ويستعجل حتى يخطبني من أهلي، بيت جدك الله يرحمهم. 

آنذاك كان هناك شاب غني يريدني، وفعلا جاءت أمه وطلبت يدي من أهلي. أنا رفضت بشدة رغم رغبة أهلي بذاك العريس: قلت لهم لا اريد الزواج في الوقت الحاضر، لكن في الحقيقة كنت قد رسمت خريطة طريقي مع حبيبي أبوك، وبهدوء تحت اشراف أمي، حققنا مشروعنا وتزوجنا، والحمد لله لا نزال نحب بعضنا البعض حتى الساعة.

احترامه الحقيقي لي، تولد من احترامي أنا لذاتي، كنت احارب  رغباتي، التي هي ربما أشد من رغباته،  لكن كنت أحارب شهوتي، تلك الممانعة جعلته يحترمني أكثر، وأنا أيضاً احترمته لأنني تأكدت بأنه يحبني حباً طاهراً مقدساً، ويريدني زوجة له مدى العمر.

 الحب الحقيقي هو أجمل ما وهبنا إياه ربنا... ولو اعطيته كما كان يطلب حتى يشبع شهواته الجسدية. كان سيجد سبباً حتى يرحل يبحث عن أخرى يحترمها.

وكنت أنا سأمضي عمري أتحسر عليه، وخسارة حب كان كل هاجسي وكياني.

قالت سعاد: أمي هل تعديني إذا صارحتك بسر يبقى بيننا، ولا تخبري احداً ابداً، هل توعديني؟

قالت الأم يا ابنتي أنا بيت اسرارك بدون شك.  

 تلعثمت سعاد لكنها قالت، أنا أحب سمير أبن جيراننا، وهو يحبني، ونحن نتبادل رسائل الحب. وبصراحة نتبادل القبل، أكيد أنا حمقاء وسوف يحتقرني سمير أليس كذلك يا أمي؟ 

قالت الأم: الرجوع عن الخطأ فضيلة، سمير شاب لطيف وأنا أحبه واريده عريساً لك، لكن يجب أن يبقى الحب مقدساً، لا دنس فيه، تبادلا الرسائل لا مانع، لكن ليس القبل،  وليكن حبكما مقدسا شريفا يرتضيه ربنا.  لكن دعيني أقرأ رسائله ومن خلال كلامه سنعرف إن كان يحبك حقاَ. أو إنه يتسلى معك. وسوف نتابع الأمور بهدوء حتى يأتي هو وأهله ليطلبوا يدك...لكن الآن ابتعدي بالكامل عن العلاقات الجسدية.

عبطت سعاد أمها بشدة وأخذت تقبلها بسعادة، وقالت لها ما أروعك أمي، أنت صديقتي وبيت أسراري. وسأفعل ما تنصحيني به.

لكن أود أن أسألك هل أخي فادي كان يقبل فاديا؟ 

أجابت الأم: لا، لم تكن فاديا تسمح لأخيك بأن يلمس  يدها بسوء نية، كانت أمها ترشدها للصح وتمنعها عن الخطأ، هذا ما جعل اخوك يتعلق في فاديا ويحبها أكثر فأكثر، وهو الآن يبذل كل طاقاته في الدراسة، حتى يصبح طبيباً ناحجاً له وزنه الاجتماعي، وبعد تخرجه سوف يطلب يدها، وعندها سوف يعود قرار القبول أو الرفض لها وحدها،  لأنها ستكون نضجت وتخطت الرابعة  والعشرين من العمر والقرار يعود لها وحدها.

 طبعاَ هناك احتمال بأن أبوها يرفض قبول اخوك، لأن ابوك كان يعمل سائقاً عنده، وأبوها يفهم لغة المال، ولا يفهم لغة القلوب...

الله سبحانه وتعالى قال: لا تعبدوا ربين الله والمال، وأبو فاديا عاشق للمال، بينما أم فادية عاشقة لسكان السماء...ونحن لا يحق لنا الرجل، ربنا هو الذي سيحاسبه.

نحن همنا فادية، وفادية لا خوف عليها طالما هي صديقة أمها. 

وأكيد هي الآن تحضر إلى الفحص الذي بات على الأبواب. وأنا أصلي لها حتى الله  يساعدها في مسعاها، والله يعلم كم أنا أحبها واتمناها لأخيك.

قطع حديثهما مجيء أبو سمير وزوجته وهي حاملة  معها طبق حلوى، وجلس الجميع في الحديقة. 

أبو فادي كان يعتني بالورد ويرشه بالماء،  

قال أبو سمير: يا أبو فادي، من المؤسف أن تترك هذه الأرض الواسعة بلا زراعة، هذه الأرض تدر عليك ذهباً إذا زرعتها واعتنيت بها، وأنت ما شاء الله صحتك جيدة، ولا تزال قادرا على العمل؟

قال أبو فادي، معك حق، أنا فكرت في الأمر، المشكلة هي نقص الماء، حفر بئر يكلف مبلغاً  كبيرا لا املكه. ثم الحراثة والسماد والبذار كله مكلف. 

استأذنت أم فادي وقالت: دعوني أجلب  القهوة، عادت وأحضرت  القهوة وأحضرت علبة صيغتها، وقالت: هذا هو الذهب الذي اهديتني إياه يا شريك عمري، بعه وأحفر البئر. وازع الأرض، وسوف تعوضني بدلاً منه.

دمعت عيناي أبو فادي، وطالت فترة الصمت، ثم قال: هذه الصيغة اتفقنا لتكون لفادي وسعاد.

قالت أم فادي، هذه الصيغة قديمة الشكل، ولم تعد اليوم تتماشى مع الروح العصرية الشبابية، اليوم   اختلفت اشكال المصاغ، وسوف نشتري لهم عندما تحين ساعة خطوبتهما.

قال أبو سمير: وأنا أكيد بأنك خلال سنتين أو ثلاثة سوف تجني اموالاً، قم يا عبدي وأنا سأقوم معاك.


إلى اللقاء بالحلقة 8

كاتب القصة: عبده داود

الحلقات السابقة يجدها الراغب في مجموعة (مجموعة رواياتي).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

طفلة الشوق

 ( طفلة الشوق )) ومن النساء أنت  طفلة تخطفني إلى عالمها تتقلب ما بين صدري وقلبي ترسم بيديها قبلة فوق جسدي ونار الحب تحرقني تغازلني تعانقني  ...