الجبل البعيد
حلقة 8
بعد كليل كمال ونينا في كنيسة كوبنهاجن، بدأت رحلة العسل إلى ستوكهولم عاصمة السويد، وأضحى ارتباطهما مقدساً، له وزنه الاجتماعي وأصبحا يفتخران بارتباطهما الحقيقي المقبول اجتماعياً ودينياً وأخلاقياً. ولم يعود ارتباطهما هشاً كما كان مجرد مساكنة تنتهي بدون مراجعات أخلاقية...
عندما يدخلان إلى الأماكن التي تطلب أثبات هوية كالفنادق وغيرها، يبرزان أوراقهما الزوجية وهما مرفوعان الرأس، لا أذلاء كمرتكبي الخطيئة، رغم إن الناس تعودت على معاينة حالات كهذه حتى أضحت هذه الحالات هي القاعدة وليست الشواذ...
لفت نظر كمال الكلام العربي الذي يملأ مملكة السويد، والوافدين من مشارق البلاد ومن مغاربها. وخاصة الجالية السورية الوافدة، من الشمال السوري من الحسكة والقامشلي. كان ذلك واضحاَ من لهجتهم الخاصة بهم التي يعرفها كمال...
قال كمال: حان الوقت أن تتعايش الشعوب بسلام مع بعضها البعض...ويكفينا تخلف متعمد أو نتيجة جهل قائم من عصر الجاهلية. تنشطه الجهات الاستعمارية لتستفيد من تقسيم البلاد وتشتيت أهلها...كما يحدث اليوم في دول عديدة، فتنة بين، مسلم ومسيحي، مسيحي ومسيحي، مسلم ومسلم كما هو الحال الآن في العراق بين "شيعة وسنه" بعدما كانت هذه التسميات لا وجود لها قبل عقدين من الزمن...
أيضاً يقوم الاستعماريون في العالم بتوجيه مدافعهم ويقذفون جهة اليمين، ثم يديرونها معاكسة ويقذفون جهة اليسار، حتى تشتعل النار بين اليسار واليمين، حرب تطحن الشعب بكامله.
ويتابع كمال قوله: للأسف أقول بأن أغلب القادة المسيحيين اليوم في الدول العظمى هم زعماء جيوش الإرهابيين المرتزقة، يستعملونهم للاستيلاء على ثروات العالم، وهذا ما فعلوه في السعودية ودول الخليج. وفنزويلا واليمن وليبيا وسورية ودول عديدة في العالم.
تلك السياسات المريبة جعلت البشر مخفوقي الفكر حاقدين على الذين يحكمون العالم ويديرون الإرهاب في الألفية الثالثة...
عاد العرسان للدانمارك، ولاحظ الجميع كيف نضجت العلاقة بين العروسين وبعد توحدهما بالكليل المقدس.
أقيمت لهما استقبالات ومباركات ووجبات شواء ومأكولات شهية كالتي يحبها كمال وأهل كمال...
شد الضيوف أهل كمال الهمة لرحلة العودة إلى سورية بعد أن اطمأنا على كمال وزوجته التي تراجع عيادة الطبيب باستمرار حتى تطمئن على صحة الحمل وصحة "سوريا"
تزامن الوداع بالمطار مع الكثير من الدموع، والحاح أبو كمال وزوجته بدعوة أقربائهم الدانماركيين على القدوم إلى سورية لأن منزلا محباً، مرحباً بهم صار لهم هناك...
لا تصدقوا أصدقائي إذا قلت لكم كم فرحت البقرة بعودة أم كمال، صارت تأكل كثيراً، وتدر حليباً أكثر من الاعتياد، وكانت أم كمال تمسد رقبة بقرتها وتقبلها وتعتني بنظافتها...فعلاً الحب الحقيقي يحس به الحيوان ويبادل الحب بحب، وهو ديمومة الحياة ...
جاء الأصدقاء يرحبون بعودة الغياب. لكن سعاد كانت بغاية التعاسة، كيف لم تسمع لها العذراء صلواتها، لكن إقناع أمها والآن خالتها أم كمال، ينصحاها بأن كمال تزوج ويحب نينا وقريباً، سيصبح أباَ لأبنته "سوريا"
وقالت خالتها" يا سعاد يا حبيبتي: "ما كل ما يتمنى المرؤ يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن" علينا نحن أن نجد مساراً جديداً لنا... ربما مشيئة الله مختلفة. ونحن لا ندركها. الخير فيما أختاره الله لنا، فلتكن مشيئته هو. لا مشيئتنا نحن.
أخيراً، وافقت سعاد على خطوبة أستاذ المدرسة صديق كمال...
اقترب فحص كمال في اللغة، وعليه التحضير المكثف والقاسي لأنه في حال رسوبه بالفحص سيخسر المنحة الجامعية، وسيخسر الراتب الشهري من الجامعة... لذلك لم يعد ينام وهو يدرس ونينا، تساعده وتصحح له.
وكذلك عمه أبو نينا كان يعلمه بعدما صار كمال من العائلة، ولأن أبو نينا هو الذي كفله وأمن له المنحة الجامعية والاختصاص...
أجتاز كمال فحص اللغة بنجاح وتأهل ليكون طالب جامعي في الماجستير.
"سوريا" تتحرك في رحم أمها تطالب أمها اخراجها للعالم.
كتب القصة: عبده داود
إلى اللقاء في الحلقة التاسعة
الحلقات السابقة يجدها الراغبون في مجموعة "رواياتي"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق