المطر
الحلقة 3
تجمهر أهالي التلاميذ أمام سيارة مستر بروان حتى لا يسمحوا له بالخروج من باب مدرسة الجبل، نزل هو ولينا من السيارة والجميع يترجونه أن يسمح لأبنته إتمام السنة الدراسية مع التلاميذ أبنائهم.
قالوا: نحن نحب لينا أن تعلم أولادنا أينما كانت هنا في مدرسة الجبل، أو في المدرسة الجديدة مدرسة المطر...
قالت احداهن لا يمكن لك أن تكون إنكليزياً حقيقياً وعضو في البرلمان البريطاني، إذا لم تسمع صوتنا، وتتجاوب مع مصالحنا نحن الشعب. إذا كانت الحكومة لا تهتم بالناس كل الناس، فبئس الحكومة، وبئس البرلمان، وبئس النظام كله.
كان لا بد إلى مستر بروان أن يرضخ إلى رجاء الأهالي الذي وعدوه بالتأكيد سيجلون أولادهم في مدرسة المطر. وقالوا سنسجل أولادنا جميعاُ عندكم ليس لأنكم وعدتمونا بمجانية التعليم لكن شرطنا الوحيد: أن تكون لينا هي معلمة أولادنا...
حمل الأهالي لينا على اكتافهم وهم يهتفون تعيش لينا تعيش... المعلمة العظيمة
ركض المدير ومعاونه يتشكرون مستر براون على السماح لابنته بإتمام السنة الدراسة مع تلامذتها.
وتشكروا الله على مرور الأزمة بهذا الشكل البسيط. وانتهت القصة. وكل شيء عاد لحاله...
الحقيقة لم تنتهي القصة عند تلك الحدود، بالعكس عندها بدأت مشاكل المدرسة...
مجلس إدارة المدرسة هم ذاتهم أصحاب المدرسة، جن جنونهم من الأحداث الأخيرة في مدرستهم، وأكثر ما أرعبهم الأهالي سيسحبون أولادهم من مدرستهم ويسجلونهم في المدرسة التي سيسمونها مدرسة المطر...
ومن الواضح جداً سيكون ذاك القصر مدرسة فخمة من حيث البناء، ومن حيث السمعة الطيبة في التعليم. ومن المؤكد هذا سيضاهي المدارس المماثلة وخاصة مدرسة الجبل، وربما هذا يسبب خسائر فادحة كارثي لمدرستهم المشهورة. وإذا كثرت الانسحابات منها.
أصحاب مدرسة الجبل عندهم مصالح مالية كبيرة متعددة يوظفون أموالهم في مجالات مختلفة ومنها هذه المدرسة...
طلب أصحاب المدرسة من إدارة محامين شركاتهم التحقيق في الذي جرى في مدرسة الجبل...لماذا حدث الذي حدث وما اسبابه؟
جرى استجواب مدير المدرسة واستجواب معاونه، وما هو سر دعوة مستر بروان إلى المدرسة بدون الرجوع إلى الإدارة العليا؟ وما سبب المنافسة العلنية بين الصفوف؟
وجرت أسئلة كثيرة مع الأهالي الذين شكروا كثيراً في سلوك أولادهم بعدما جاءت لينا إلى هذه المدرسة، حتى لم تعد تعطهم وظائف إلى البيت، لأنها لا تدعهم يخرجون من المدرسة قبل أن تتأكد بأن الجميع استوعب الدروس.
والجميع ذكروا بأن هذه المعلمة مختلفة عن المعلمات والمعلمين الذ ين تعاقبوا على أولادهم، هذه المعلمة ما لبثت صارت صديقة أولادنا قبل أن تصبح معلمتهم. واولادنا باتوا يحبون المدرسة أكثر من البيت بعدما جاءت لينا إلى مدرسة الجبل.
أكتشف محامو الشركة كل التمثيلية التي جرت ودوافعها، وجهالة الإدارة، وعدم قدرتهم على التحديث.
وفهموا سبب نجاح الشعبة الأولى في الصف الخامس بامتياز.
صدر قرار تسريح المدير ومعاونه واستاذ الصف الخامس، وكان خروجهم من المدرسة مخزياً بالفعل.
كما صدر قرار فوري بتسليم لينا إدارة المدرسة ومشرفة عامة على كافة صفوف المدرسة ومناهجها وبمسئولية مطلقة وغير محدودة.
رفضت لينا الأمر بشدة، لكن أصحاب المدرسة مصرين أن تكون لينا هي المديرة.
تحت الحاح أصحاب الشركة قبلت لينا الإدارة فقط لنهاية ذلك العام الدراسي.
وأقاموا حفل غذاء كبير في المدرسة دعوا له جميع العاملين في المدرسة وقرأوا كتاب تكليف لينا مديرة للمدرسة ذات صلاحيات غير محدودة.
وصدر قرار برفع راتب المديرة لينا إلى رقم غير مسبوق في المدارس...
قال مستر براون هذا الراتب هو رشوة، نحن لن نرضى أن يشترينا أحد. الذي يخيف أصحاب المدرسة هو انسحاب الطلبة من مدرستهم سيكون كسراً عليهم، لذلك مهما أعطوك من راتب لا يشكل جزء يسيراً من خسائر طلابهم...
أم لينا، السيدة براون رفضت فكرة ترك القصر قطعياً وقالت هذا القصر هو بيتنا، وهو يليق بعائلة عضو في البرلمان الإنكليزي. ومسئول في القصر الملكي.
ويجب أن نحافظ على مستوانا الاجتماعي الانكليزي، وقالت نحن قاربنا سن التقاعد وعلينا أن نترفه في الباقي من حياتنا. لن أنتفل إلى شقة عادية.
ومن ناحية ثانية أن أرفض عرضكم في أن أكون مديرة مدرسة تلاميذ، أنا مديرة دار للعجزة، وأرفض أن أكون مديرة مدرسة أطفال، ولن أترك وظيفتي ولن أترك قصري...
مستر بروان قال: أصلا هذا القصر، سرقه أبي من الشعب الهندي لذلك سوف نقبل طلبة هنود بالمدرسة بأقساط رمزية... ربما يسامحنا الله على ما فعلناه في بلادهم حكمناهم وسرقنا خيرات بلادهم وهم شعب فقير يكاد يموت من الجوع...
فالت الأم: الآباء يأكلون العنب، والأولاد يضرسون.
من ناحية ثانية مركز أبنتي في مدرسة الجبل أفضل من مدرسة النهر أو مدرسة المطر لقد نسيت اسمها.
والراتب الذي خصصوه لأبنتي لا أحد وصل إليه في المدارس.
قال مستر بروان أنا لن أقبل رشاوي تحت أي مسمى ولن أبيع ذاتي إلى أولئك الذين يشترون الناس بأموال قد تكون غير نظيفة، الراشون مكانهم السجن لأنهم هم بالذات بؤر فساد في المجتمع. وهذه البؤر الجرثومية، تنمو وتتضخم وتتمدد في كل بيئة حاضنة، وتعيث فساداً في المجمع، وهكذا يستشري الفساد يوما بعد يوم حتى يصبح البلد في النهاية مجتمع عصابات ومافيات تديرها فئة شريرة خبيثة تشترى الشرطة، وتشترى حكام البلد والسلطة ويصبح الجميع تحت رحمتها...
لذلك علينا جميعاً أن نحارب الفساد بكل الوسائل المتاحة ونريد لبلادنا أن تبقى نظيفة.
لينا كانت ترفض المغريات والهدايا السخية التي تقدمها لها إدارة مدرستها
حتى ترفض توقيع عقد عمل طويل الأمد مع المدرسة وكانت تقول أنا سأبقى مع تلاميذي لنهاية العام المدرسي الحالي كما وعدت أهاليهم وبعدها سأنسحب...
خصصت إدارة المدرسة سيارة فخمة مع سائق للمديرة لينا.
أبو لينا يزداد ممانعة في قبول هذه الرشوات المبطنة غير المبررة الهادفة لشراء أبنته...
ذلك اليوم جاء شاب إلى المدرسة يسأل عن المديرة لينا...
شاب بالفعل وسيم جداً، لبق جداً، كانت تنظر لينا اليه مشدوهة بجمال هذا الشاب الذي حرك اعجابها وبصراحة حرك قلبها وعواطفها وهو يتكلم ويقول بانه مكلف بان يكون مساعداً لها في الإدارة.
وسلمها امر التعيين وطلب توقيع المباشرة
كتبها: عبده داود
إلى اللقاء في الحلقة 4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق