الاثنين، 30 نوفمبر 2020

كلمات بقلم الحلقة: عبده داود

 المطر

حلقة 4

لينا كانت ترفض بإصرار أن تدخل غرفة الإدارة، ولم تجلس يوماَ على الكرسي الدوار الفخم. تعتبر ذلك ليس من حقها طالما هي رافضة قبول تمديد عرض العمل مع المدرسة

لكن ذلك اليوم، اقتضى الأمر أن تدخل هي والشاب الوسيم الذي تم تعيينه معاوناً لها في إدارة المدرسة لتعطيه وثيقة بدء مباشرة بالعمل. 

  قال الشاب اسمي جيمس، ويسرني أن أكون معاوناً لك وأعمل تحت خدمة ملكة بمثل جمالك...

رجف قلب لينا بشدة، لكنها تماسكت وقالت: لا تفرح كثيراً سيد جيمس، أنا لن أكون المديرة، أنا هنا لنهاية هذا العام، وينتهي عقدي ولن أجدده.

لم يعلق جيمس على الموضوع ويبدو إنه يعرف هذه القصة.

بينما هو يحتسي القهوة، كانت هي تبحث عن الأوراق الرسمية الخاصة كإخطار ببدء الالتحاق بالعمل، تبحث وهي مضطربة بذاك الكلام المباغت والفوري الذي أصابها في قلب  الدريئة...

اعتذرت وقالت انا لا أعرف أين هي الأوراق المطلوبة، لكن يمكنك أن تعتبر أمر مباشرتك قد تم اعتباراً من اليوم. والآن عليّ أن أعود إلى صفي، إلى اللقاء غداً.

خرج جيمس، وهي تمتم بصمت المسحور كلماته التي أصابت قلبها وهزته بعنف "يسرني أن أكون معاوناً لك، وأعمل تحت خدمة ملكة بمثل جمالك"

ذلك اليوم رجعت لينا إلى المنزل صامتة، لكن قلبها مليء بمشاعر مختلفة، على غير العادة، كثيرا ما كانت تسمع كلمات اعجاب من شبان مختلفين ولم تكن تعير كلماتهم أي اهتمام   لكن كلمات جيمس هذا الشاب اللطيف، رائع الوسامة حرك عواطفها وأحاسيس قلبها، بشكل مغاير عن كل مرة. دخلت إلى غرفتها، واستلقت على سريرها على غير عادتها، ولم تنتظر قدوم أهلها حتى يتناولون طعام الغذاء. وغرقت في النوم. 

جرت الأيام المدرسية عادية، الجديد  فيها كان السيد جيمس يخلق الفرص ليقرع باب  الصف الخامس يطلب المديرة متحججاً بحجج يخترعها... وهي باتت تستلطف هذه الحجج التي تشبه الفكاهة وتضحكها، وبات يفرحها قدوم جيمس وطلباته الواهية. 

ذلك اليوم قال لها عذراً: عندي اقتراحات كثيرة اود مناقشتها معك، ما رأيك نتناول وجبة الغذاء سوية؟

ترددت لينا بالجواب.

قال جيمس:  اللقاء واجب لأجل مصلحة المدرسة والتلاميذ.

تناولا وجبة الغذاء في مطعم فاخر، ضحكا كثيرا، وتكلما عن المدرسة قليلاً. وكان واضحاً بأن جيمس 

معجب جداً في لينا، ولينا حاولت أن تخفي عواطفها لكن السعادة في عينيها كانت تفضح خفايا قلبها، وأدركت بأن الدعوة على الغذاء مجرد ملاطفة أو حركشة ليس له أي علاقة بأمر المدرسة، وهي الحقيقة اسعدتها تلك الملاطفة. 

تطورت اللقاءات بينهما، وتطورت عزائم الطعام لمناقشة أمور المدرسة والتلاميذ، ولكن ولا مرة ناقشوا فيها ما يخص المدرسة أو يخص التلاميذ. لكن شيئا ً واحداً كان جيمس يحاوله هو اقناع لينا قبول التوقيع على عقد العمل ولو لسنة واحدة على الأقل. 

لينا كانت تسوف موضوع تمديد العقد  مع المدرسة، لأنها ستكون المعلمة المسئولة في (مدرسة المطر) أو بالأحرى في المدرسة الخاصة بها.

  ولو ان وجودها قرب جيمس أضحى هو سعادتها القصوى...لكن كانت لقاءات صداقة وأحاديث مسلية عابرة. وربما هي كانت تفكر بسحب جيمس ليعمل معها في مدرستها المستقبلية.

استمرت لقاءات مديرة المدرسة مع معاونها بحجة مراجعة أمور المدرسة ولكنهما بالحقيقة عندما يلتقيان ينسيان المدرسة والعالم كله. لينا كانت دائما تفرمل عواطفها وتظهر جديتها حتى لا تفقد احترامها أمام من قررت أن تحبه، وهي تفكر وتعيد السؤال على ذاتها، هل يصلح جيمس شريكاً لحياتها؟ 

انتهت المدرسة، وانتهى عقد لينا مع المدرسة، 

لكن تحت رجاء جميس والحاحه، وعدم جاهزية مدرسة المطر بعد،  وافقت لينا على تمديد عقدها مع المدرسة سنة  جديدة واحدة. حتى هي ترى أين ستوصل علاقتها مع هذا الشاب الذي أخذت ترسم طريقها المستقبلي له ومعه.  

كانا يلتقيان غالباً يوم الأحد، ويذهبان يتجولان في لندن حتى موعد الغذاء يختاران مطعماً يطهو السمك بشكل جيد الوجبة التي تحبها لينا. وجميس كان يطلب طعاماً مغايراً. 

ذلك اليوم، كان الطقس حاراً في صيف  لندن هاتف جيمس لينا  وقال هو في السوق يود شراء بعض الكتب ويريدها أن تساعده في الاختيار، تواعدا أمام ساعة بيغ بن، وصلت لينا بسيارتها وركنتها في مكان مسموح، كان المطر شديداً، ركضت في الشارع، كان جيمس تحت شمسيته لكنه مبلل تماماً.  

لينا تأثرت بمنظره،  وبعفوية غمرته وقبلته قبلة حارة، ومنذ ذاك اليوم بدأت قصة الحب العلنية بين المديرة ومعاونها تدور في الوسط وتتسع دائرتها... بعد ذلك صارت اللقاءات تتكرر كثيراُ، وتوهج الحب بينهما، وقررا الارتباط  فلا بد للحب أن يغلب ولا بد للقلوب أن تتصارح وتتلاقى...

15شهر آب يصادف عيد ميلاد لينا وقررت دعوة جيمس وحيداً، حتى يتعرف على الاسرة والأسرة تتعرف عليه.

جاء جيمس حاملاً  الورود، ومشروبات العيد، وبعد التعارف أصر جميس أن يذهب الجميع إلى أحد المطاعم للاحتفال بمناسبة عيد ميلاد لينا.

نادي ضخم للطبقة البرجوازية من الناس، صعد جيمس الى المنصة حيث الفرقة الموسيقية، وأخذ الميكرفون من المطربة وقال اسمحوا لي أريد أن أطلب من لينا ابنة السيد براون التي يصادف اليوم عيد ميلادها ، أن تأتي إلى المنصة،

ركع جيمس وأخرج من جيبه خاتم الماس ثمين، وقال هل تقبلينني شريكاً في حياتك مدى الحياة...؟

ساد صمت في النادي، والناس نظروا الى المسرح ينتظرون جواب لينا، ولينا بين الاستغراب والدهشة، لم يكن أمامها سوى خيار واحد  هو الموافقة...

تبادل العروسان القبل وجرى تصفيق حاد في المطعم النادي، وقام النادي بتقديم قالب حلوى كبير ووزعوا نخب العروسان  مشروب الفرح وخاصة لأن  العروس هي أبنة مستر براون عضو مجلس النواب وموظف كبير في القصر الملكي...

بعد هذه السهرة بدأت حياة جديدة. 

  

كتب الحلقة: عبده داود

إلى اللقاء في الحلقة 5

كتب الحلقة: عبده داود

إلى اللقاء في الحلقة 5

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جارة القلب / عمر طه اسماعيل

 لا تبعدي..  وظلي جارة..  للقلب..  اهواك ٍ..  لا اقدر عيشا دونك..  والبعد عنك..  يامولاتي..  جرم ٌ..  وذنب..   اني ولدت..  من جديد..  ويوم م...