ذاكرة مثقوبة
ساعة الجدار متوقفة عند الواحدة والنصف. أحيانا تكون ظهرأ وأحيانا أحسبها في الليل.
أو ربما ذاكرتي مصابة بالزهايمر!
أرى الماضي بلا ذكريات... هناك فراغ كبير داخل رأسي... أين أنا؟ لم يعد لدي حكايات ومواقف أتذكرها، وأضحك على بعضها أو أبكي على البعض الآخر ..
وساعة الجدار المتوقفة أعلنت الحداد.
فالذكريات انتقلت إلى مقبرة النسيان الأبدي،
كأنها كتاب سقط في النهر وأزيلت كل كلماته التي كُتبت بالحبر وأصبحت صفحاته بيضاء....
قصة لم أكمل قراءتها حتى، قد انمحت ولا أعرف نهايتها..
وجع الذاكرة لا يشبه فراق الحبيب أو خيانته.
فخذلان الذاكرة وجع جداً مؤلم. خصوصاً عندما ترى من أحببته دون أن تعرفه كأنك فقدت حاستيّ الذوق والشمّ معاً!
أرى الورد شكلاً بدون رائحة. ثقب دوديّ سقطتُ فيه ولا أعلم إلى أين يأخذني!
آه... كم آه سوف أقولها وكم حسرة في داخلي أكتمها....
أخيراً قرّرت أن أكتب.
بالكتابة أحاول إعادة بناء ذاكرةً من خيالي وأجد فيها نفسي التائهة.
مازلت أكره انعدام الذاكرة..
كم تمنيت لو أنها قميصاً ينزع وأستطيع أن أرتديه مرة أخرى لاستعادة مافقدته من ذكريات...
ياليت رأسي مجلّد كبير يحتوي على تاريخٍ لا يمحوه مرضٌ أو صدمة...
لكن أنا انمحت ذكرياتي في منتصف عمري ...
تركت الأوراق على الطاولة وخرجت إلى الشارع.
كم مشيت في المدينة التي أمقتها وكانت ذكريات تمشي معي. الآن لايرافقني شيئاً! صرتُ مجهولة الهوية.
إحساس يصاحب ذاكرتي المثقوبة. عيوني تبكي بدون صوت وشوارع مدينتي بدون ملامح...
ضباب يخيّم على سماءٍ صافية ووجع القلب توقف ولم يعُد يؤلمه النسيان...
كم هو جميل أن تنسى مايؤلمك، لكن صعب أن تنسى حياتك بأكملها كأنها شجرة تسقط أوراقها.
لكن تذكر أن هناك ربيع يعيد كل شي كما كان او أجمل من ماكان.
من لم يملك ذكريات لن يذوق المستقبل بتغيراته صدِّقوني لو أنَّي أعرفُ كلمةً أعمقُ من كلمة انطفأت لقلتها الآن مع ذاكرة مثقوبة
/احلام طه حسين /العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق