الأحد، 17 أكتوبر 2021

شادية دحبور

 من كتابي مطارق على جدران الصمت

يوميات بعوضة في الحصار

...................

انتظرتُ الليل حتى يسدل ستائره لأنهض من سباتي العميق الذي استمر طوال ساعات النهار ،فقد شعرتُ خلالها بجبالٍ تجثم على صدري، ما أقبح النوم الطويل إنه مميتٌ وقاتل.

لقد طفتُ في الحارات و البيوت لأستعيدَ حياتي المسلوبة وأرتشفَ الرحيق الدموي الذي يجددها لي، وقفتُ على قدم أحد البشر، وغرستُ ابرتي الماصة فلم أجنِ شيئاً وانتقلتُ إلى غيره وكانت نفس النتيجة، تساءلتُ في نفسي ما هذه الليلة المضنية ؟ربما يكون هذا الشح نتيجة حصارأولئك البشر في غزة ،

فكل شيءٍ لديهم شحيح لذا تكون دماؤهم غائرةً في عروقهم ولكن ما ذنبي أنا؟ هل هذا الحصار يطبق قوانينه أيضاً علي إنني أتضور جوعاً هل سأمكث ليلتي بتعبٍ وعناء وأنا أبحث عن رزقي مثلهم وأخيرا يسيطر عليّ القنوط مثلهم ؟لا لا لن يسيطر اليأس عليّ أبدا ،سأكرر محاولاتي أيضاً لقد وجدتُ وجهًا ممتلئا ربما أجدُ فيه وليمتي .اقتربتُ منه يا له من رائحةٍ منفرة ما هذا؟ أهذا ما يتجمل به البشر ويسمونه بالعطور ؟إنها تثير كراهيتي وحنقي. على الفور ابتعدتُ عنه، ربما لم يكن لي نصيبٌ في هذا البيت المعطر.

انتقلتُ إلى مكانٍ آخر لن أدعَ الموت يسيطر عليّ ماذا أفعل هاهي يدٌ بشرية تتراءى لي وإذا بروائح بترولية تخرج منها، سرعان ما ابتعدتُ عنها فهي من تقتلني وتودي بي إلى التهلكة .يا إلهي ما هذه الليلة لو لم يكن هؤلاء البشر محاصرين لتمتعتُ بوجبة عشاءٍ فاخرة من أول هدف. تبًا لهذا الحصار ليته ينتهي .

لا لا ليته يبقى هكذا فلو انتهى حتماً سيجلبون المبيدات ويقتصّون مني 

لإني أؤرق نومهم وأسلبهم معنى الراحة .ولكن ما ذنبي أريد أن أعيش مثلهم، كيف لو كانوا يعملون نهاراً إنهم إما ركائز للجدران ،أو ترى سررهم تشكو من كثرة نومهم عليها لقد ضاقت بهم ذرعاً كل هذا لا يهمني ولكن ما يهمني هو حياتي. ها هي امرأةٌ ناعمة ،ربما لم يكن دمها غائراً أو متجمداً على خدها سأترك لها رسمًا جميلاً بعد ابتعادي عنه مكافأةً لها بعدما أرتشف قطرةً من عروقها لتزيد وجهها جمالاً.

نزلتُ بهدوءٍ على وجهها الناعم حتى لا أزعجها- فأسوأ شيءٍ أن تزعج الإناث- يا لها من مجرمةٍ ظننتُها رقيقة القلب، لقد صفعتْ خدها بيدها ،ها هو جناحي يتهشم ،يا ويلتي لقد قذفتني بعيداً عن خدها هذا وهي نائمة، فماذا تفعل لو كانت مستيقظة ؟إني أشعرُ بنهايتي ،لقد وقعتُ في الهاوية، ما أسوأ تلك الليلة منذ بدايتها .-----وداعًا وداعاً لتلك الحياة القاسية. 

شادية دحبور/ الزعانين

فلسطين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خسرت نفسك

 خسرت نفسك متى خسرت نفسك ضيعت يومك وأمسك محوت ذكراك وإسمك لِتباع في أبخس صفقة متى سرت بهذا المضمار أين جرفك وأخذك التيار ألقيت الطهر في سعير...