أيتها المرأة
أنتِ البلاد كنا فيها
والتي رفعت من دوننا فيها
الأسوار
وما نزال بينها نضيع
وفيها
مرت سنوات
وتأتي إلينا ذاكرة
بسنوات
لا تساليني أين عنوانكَ
فأنت كل الأسماء والتواريخ
كتبتها الذكريات وفي كل رحلة
كانت من محطات الرحيل
كلما طلب راحل
من قهوة المحطة
القهوة والنبيذ
لكن خلف العربات الدخان
وخلف الراحلين ذكريات
منها سر فينا
كان ينبت فينا نخيلا وسنابل
منها بقايا طعام
وتذاكر
ودموع وأحزان
حيث تتقاطعُ طرقُ العائدين والراحلين
ترى من وعدنا وبكى علينا
هل يضحك الآن
ووجوهنا تطل على بعضها في القطار
كأن نسأل بعضنا
متى الوصول
متى ينتهي هذا الرحيل
بين أناسٍ كأنهم غرباء
تلاقينا بهم
ساعة الرحيل
كأننا خنقنا فيهم الزهر وجعلنا فيه السم
كأنما كنا نقتلهم بالأمس
أو سقيناهم مرارة
ما ذاقوه العبيد
والليلُ يمتد إلى مدى بعيد
والمطرُ كأنه غاب عنا وعن بلادنا
والشمس إذا عادت
جعلت وجوهنا مثل وجوه
من كنا نحبهم
وحبنا جعلهم عبيد
إنها بلادنا
من ذاكرة طويلةٍ،
وبيتٌ عليه صورنا
وحمام
يطير عاليا
ويحط فوقه
ربيناه بحنان المحبين
لكنه القطار
إذا سار لا يصل
وإذا وصل لا يعود ونصبح
كالعبيد
ونموت تماثيلا
لضحكات السادة
واحلام المارين
بين دموع
وأحزان
وبين الراحلين
وضحكات
العائدين
هل أنتظرُ هُنا
في المحطات بلا تذكرة
حتى تبزغ شمسٌ من ذاكرة
بلا بلاد
بلا أسياد
والآن
بلا عبيد
ومن جديد
كأننا لم نرحل
ولم نذق
مرارة الرحيل
يا حزننا عليها من ذاكرة
يا حزننا
عليها من ذاكرة
بلا بلاد
وبلا أسياد
والآن
بلا عبيد
يا حزننا
عليها من ذاكرة
الديوان : لقاء مع الشاعرة فدوى طوقان .
القصيدة : ذاكرة العبيد .
للشاعر :
قدري المصلح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق