الجمعة، 5 فبراير 2021

كلمات بقلم عمار العربي الزمزمي

 ** إلى  متى نظلّ نبكي في الشتاءْ **


                             إلى  روح شكري بلعيد 

                             في ذكرى استشهاده.


" لا شيْءَ يَنْمُو في الشتاءْ

غيْرُ الرّمادِ في الكانونْ

و كلُّ شيْءٍ فيهِ يَجْمُدُ

إنْ باتَ في العراءْ "

كانتْ تقولُ و هْيَ مِثْلُ نَمْلَةٍ

وديعةٍ، نشيطةٍ 

تُخَزّنُ في هِمَةٍ 

ما تستطيعُ حَمْلَهُ مِنَ الحَطَبْ

لِغَيْرِ ما تفْعلُهُ

امْرَأةُ أبي لَهَبْ .

                                 ☆ ☆

و في لَيالي البَرْدِ حينَ نَزْحَفُ

للسّمَرِ في غِبْطَةٍ نَحْوَ اللّهَبْ

و نَفْرُكُ العيونَ كُلّما 

أسالَ دَمْعَنا الدّخانُ في صَخَبْ

كانتْ تقولُ كَيْ تُطَيّبَ الخواطِرَ:

" أحْلَى العيونِ دائمًا يعشقها الدّخانْ" 

فَيَغْمُرُ قلوبَنا الصّغيرةَ 

فَيْضٌ مِنَ الحنانْ

و تَرْسُمُ عيونُنا 

و نحنُ أسْرَى لِحكايةِ جدّتِنا

بِرَغْمِ الدّمْعِ صورةً بَهِيّةً للجازِيَهْ

أوْ لابْنَةِ السّلْطانْ.

                              ☆ ☆

لَوْ عِشْتِ حتّى تَشْهَدِي ثوْرتَنا 

و تدْخُلِي جنّتَنا

لَرُبّما أدْرَكْتِ يا أمّاهُ دونما عَجَبْ

أنّ الرّمادَ ليْسَ وحْدَهُ ما يَنْمُو في الشّتاءْ

و ليس وحْدهُ الكانونُ ما ينْبعِثُ مِنْهُ اللّهَبْ.

                                  ☆ ☆

طُوبَى لَكِ

لأنّكِ لَمْ تعرفي اسْطوانةً جميلةً 

تُسَيّلُ الدّموعْ

و لا رأيْتِ عجَلاتٍ تُشْعَلُ

و لا أحْجارًا في الطّريقِ تُنْضَدُ

لِتُرْبِكَ حركةَ البوليسِ و الدّروعْ.

طُوبَى لَكِ

لأنّكِ لَمْ تَشْهَدي

حينَ يَجورُ  البرْدُ كَيْفَ يَكْثُرُ الكَذِبْ

علَى المنابِرِ

و يَعْوِي في البيوتِ الجوعْ

و كيْف في الشوارعِ

ينْفَجِرُ الغضَبْ

و تُعْلِنُ التمرّدَ الجُموعْ

و تخْرقُ الحِصارَ موْجًا هادِرًا يصيحْ:

" لِيسْقُطِ النّظامْ

الخبزُ و الحريّهْ

كرامهْ وطنيّهْ

لا للخضوعْ

لا للرّجوعْ..."

                                 ☆ ☆

دموعُنا تسيلُ كُلّما أتَى الشّتاءْ

تُسيلُها في الشارعِ القنابلُ

و في البيوتِ الحزْنُ حينَ يُقْتَلُ و يُسْجَنُ الأبناءْ.

إلى  متَى نَظَلّ نبكي في الشتاءْ؟

إلى  متى يظلّ موْسِمُ الأمطارِ مَوْعِدَ الدّموعِ و الدّماءْ؟

إلى  متى الدّموعُ و الدّماءُ فيهِ تذهبُ هَبَاءْ؟

مَتى يُرَى في الأعْيُنِ دَمْعُ الفرحْ

و تغسلُ وجوهَنا مدامِعُ السّماءْ؟

متى نستنْشقُ هواءَكَ النّقِي 

و عِطْرَكَ الشّذِي

يا وَطَنًا يحْتكِرُ فيهِ اللّصوصُ الماءَ و الهواءْ

و الخبْزَ و الكساءَ و الدّواءْ؟

إلى متى نَظَلّ في الشوارعِ ننْتَفِضُ

لكنّنا في الخلوةِ نخْتارُ هؤلاءْ؟ 


                 عمار العربي الزمزمي 

                الحامّة، تونس، جانفي 2021 

               من ديواني" في انتظار الربيع".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ساهجوا ذاتي

 مُحاكمة للذات # # # 2025 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ...