السبت، 3 يوليو 2021

كتبها: عبده داود

 الفساد المخفي

1.7.2021

الأستاذ سامي خريج في كلية الحقوق، اشتهرت كتبه السياسية في السوق وباتت الناس تستشهد بكلامه...

سفير سابق لدولتنا. أحيل للتقاعد بعدما تجاوز الستين من العمر. 

استدعى وزير الخارجية الأستاذ سامي وأجرى معه حديثاً طويلاً حول مشاكل البلد، وكيفية محاربة الفساد بكل الوانه وأشكاله وعناصره... 

قال سامي: هناك بؤر فساد مخفية وهذه تخيفنا لأنها تحطم البلد، لأنها كالمرض الخبيث، وعلينا محاربتها بكل الوسائل وبدون رحمة...

أعجب الوزير بشخص الأستاذ سامي وقال له، ما رأيك اعينك سفيرا لبلدك في الجبل الأخضر.

تمنع سامي كثيرا من قبول الوظيفة. لكن أخيراً أقنعه وزير الخارجية وصار اسم: سامي السفير سامي...

 استقبل السفير سامي في سفارتنا في الجبل الأخضر معاونه وكادر موظفين السفارة بترحاب. وقدم له معاونه كل الخدمات المطلوبة بشكل مبالغ فيها...

السفير سامي معه قائمة بأسماء الموظفين جميعاً ومنهم مديرة مكتبه أمينة. التي مدح بها وزير الخارجية بالذات.

سأل السفير سامي معاونه أين  أمينة مديرة مكتبي؟

 قال معاونه: أمينة استقالت بسبب الزواج، لذلك أعلنا في وسائل الإعلان عن حاجتنا إلى سكرتيرة لمكتب حضرتك.

جاءتنا طلبات كثيرة أخترنا منها أفضل خمسة طلبات، ونحن ننتظرك حتى أنت تختار منهن التي تعجبك وأرجو أن تحدد موعداً لتقابلهن... 

بالفعل قابل السفير المختارات،  واختار واحدة من الخمسة المتقدمات للوظيفة، وتم تعيينها.

صباح لاحق، وصل السفير إلى السفارة، استرعى انتباهه مشاجرة عند المدخل.

سأل الحارس ماذا يحدث هنا؟

قال حارس: آنسة أمينة كانت مديرة مكتب السفير السابق، ومعاون السفير أصدر أمراً بعدم السماح لها بدخول السفارة اطلاقاً.

قال السفير: ومتى كنا نمنع الناس من دخول سفارتنا؟

تفضلي معي.

استقبلها السفير سامي وطلب لها القهوة. وقال لها مبروك زواجك يا أمينة. 

استغربت أمينة وقالت: أنا لم أتزوج، ولست حتى مخطوبة،  وأنا جئت اليوم لأودع زملائي في السفارة قبل عودتي الى الوطن.

سأل السفير: غريب هم أخبروني بأنك استقلت بسبب الزواج، إذن  لماذا استقلت يا أمينة من عملك؟

أجابت: معاون حضرتك أتهمني بسرقة أوراق سرية من السفارة، وخيرني بين الاستقالة أو السجن...


أثناء ذلك الحوار، دخلت مديرة مكتب السفير الجديدة لتحصل على توقيع لمعاملة ما. 

 استغربت أمينة وارتعشت  عندما شاهدت مديرة مكتب السفير الجديدة، وبعد خروجها، قالت أمينة أنا أعرف هذه الشابة كانت تعمل في  سفارة دولة معادية لبلدنا.

استغرب السفير بشدة الأمر،  وأخرج طلبات التوظيف الخمسة من جرار مكتبه بحثا عن طلب الموظفة، التي قالت في طلبها إنها كانت  غير موظفة ...شاهدت امينة طلبات التوظيف  وصور الفتيات الملصقة...وقالت جميع هذه الطلبات لموظفات في سفارة الدولة المعادية، أنا أعرفهن جميعاً...

قال السفير: يا ويلتاه، هل أنت متأكدة  من ذلك؟

طبعاً وهن صديقات حميمات مع معاون حضرتك... 

قال السفير: أرجوك يا أمينة  لا تخبري أحدا عن هذا اللقاء، وأرجوك أجلي سفرك إلى حين...

اذهبي الآن لمنزلك وأياك  أن تخبري أحدا كان من كان عن هذا الأمر.

اتصل السفير سامي بوزير الخارجية وأخبره قصة أمينة.

وزير الخارجية في الحال أرسل مفتشين الى سفارتنا في الجبل أخضر، ومنعوا معاون الوزير من مغادرة السفارة بالقوة. وأجروا تحقيقات تحقيق طويلة تبين صحة أقوال أمينة. 

تم تسفير معاون السفير، وزجوه في السخن إلى سنوات لن يخرج منها حياً، وتم تسريح مديرة المكتب الجديدة، وعادة أمينة معززة مكرمة إلى وظيفتها...

لكن الذي لم يكن بالبال خرج معاون السفير المذكور من السجن بعدما حكم له القاضي بالبراءة...

جن جنون السفير سامي وقدم استقالته، لكن وزير الخارجية، بمعاونة وزيري الداخلية والعدلية  أعاد معاون السفير إلى السجن هو والقاضي المرتشي وجميع الفاسدين المتعاونين...

أعجب السفير سامي  بذكاء أمينة وتفانيها بالعمل وإخلاصها لوطنها. وبموجب الصلاحيات  والثقة الكبيرة التي منحها إياها، صارت هي يده اليمين الفاعلة في السفارة.

وشيئاً فشيئاً سلمها السفير كافة مهام المعاون الغائب...  

السفير شاب أعذب، وأمينة عازبة، وكثيرا تأتي دعوات خاصة للسفراء  من السفارات الأخرى، حفلات ترفيهية، موسيقية، كوكتيل،  أو ما شابه، وكان البروتكول أن يصطحب السفراء زوجتهم أو خطيباتهم معهم.

 كان السفير يصطحب أمينة معه... 

 أثبت أمينة وجودها بين نساء السفراء، ترسخت محبة أمينة بقلب السفير، وبدل أن يعاملها كمديرة مديرة مكتبه،  أو سكرتيرة،  بات يعاملها كمساعدة له بدل المساعد الشاغر.

السفير كان معجب بمعاونته أمينة الجميلة، وأمينة أحبت  السفير، وصارت تسميه بصمتها: حبيبي المستحيل...وكانت تخفي عواطفها بستائر واهية...

لكن من الصعب إخفاء مشاعر الحب، لأن العيون تفضح اسرار القلوب...وأخيراً قالت العيون كلمتها، وفتح القلبان ابوابهما...

وضمن حفلة حضرها  وزير الخارجية، وسفراء الدول الصديقة، تم زواج سامي وأمينة...

  

كتبها: عبده داود

سورية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

طفلة الشوق

 ( طفلة الشوق )) ومن النساء أنت  طفلة تخطفني إلى عالمها تتقلب ما بين صدري وقلبي ترسم بيديها قبلة فوق جسدي ونار الحب تحرقني تغازلني تعانقني  ...