مقال
من قال : إن الدين جاء ليحارب الحياة ، هذا منطق النفوس الانهزامية التي تخاف من مواجهة مشاكل الحياة بالهروب واللجوء إلى الدين ، وهذا أصل مقولة :" الدين أفيون الشعوب " ، والله ما عرفنا هذا الدين في عصور الصحابة والتابعين وسلفنا الصالح ، بل جاء الدين لينهض بالإنسانية إلى التقدم والحضارة والعزة والكرامة ، بل جاء الدين ليقوينا لا ليضعفنا ، ومن يتتبع التاريخ ير أنه عندما خلطنا نقاء الدين بأهوائنا وأطماعنا الدنيوية تكالبت علينا الأمم ، وبدل ما نستيقظ من سباتنا وغفلتنا وضعفنا استسلمنا له ، وبدأ ظهور غلاة التصوف بالهروب من الحياة إلى عالم الأرواح والخيال ، وبدأ بعض من العلماء وبعض الكتب والتفاسير تبث هذا السم في الأجيال، القرآن لم ينتقد الحياة جملة ، بل ينتقد
نمطا معينا من الحياة ، وهي الحياة الدنيا ، وكلمة الدنيا جاءت من الدنو وهى عكس السمو ، فبعض الناس قد يتخذ الدين شماعة لأخطائنا ، فالدين لا غبار عليه ، لكن المشكلة في فقهنا وفهمنا لهذا الدين ، من قال : إن الدين جاء ليحارب الموسيقى والفن ، فالكون الذي خلقه الله كأنه سيمفونية جميلة ، فالعصافير تزقزق ، وشلالات المياه لها صوت خلاب ، حتى السماء لها صوت عند نزول الخير والمطر ، والله جميل يحب الجمال ، وسيدنا محمد قال ليس منا من لم يتغن بالقرآن ، واختار النبي صوت بلال للآذان ، لأنه من أجمل الأصوات ، الله خلق الحياة لنعيشها ولنشكره على المواهب والنعم ، ولكن هناك فن لا يتفق حتى مع الذوق قبل أن لا يتفق مع الدين ، فالحياة عبارة عن اختيارات، ولا بد أن نتعلم قبل أن نقول لا ، ولا نكون كالإسفنجة أو الإمعة نتقبل كل شيء ، أعداء الحياة والموسيقى والفن عندهم عقدة نقص ، لأنهم لا يملكون هذه المواهب فهي من الرحمن ، وكما يقولون : الجاهل عدو ما يجهل ، فالدين جاء بالحياة وللحياة ، ولم يأت فقط للتحذير من العذاب والخوف من النار ، بل الله قال : رحمتي سبقت غضبي ، والناس سيفاجئون في الآخرة ، كم هو الله غفور رحيم بنا ، بل لو فرضنا جدلا أن الله سيخيرني بين من سيحاسبني في الآخرة ، والدي ام الله ؟ سأختار الله ، لأنه أرحم بنا من امهاتنا و آبائنا.
شهاب عياد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق