*** عاشق من طين ***
قالت له :
كم فشلت في كسر
وحدتي الطويلة
و كم كانت تهشّك عصاك
عن عرش مملكتك المنتظرة
تحت رموشي العطشى
و أنت أيها العاشق المختلف
تغوص في كل البحار
تسافر مع كل مهاجر
تسرح في كل وادي
و تنام تحت كل خيمة
تجمع كفاف الحروف في كفك
و تهديها لشفاه تجعّدت
أو لعابر وطن
كم كنت وحيدة معك
خلف ستار وحدتنا
و حين بحثت عنك فيك
لم أجد سوى
بلّورا شفّافا محطّما
تناثرت أجزاؤه
مع ذرات الغبار
تبحث عن شذرة ضياء
و تنام في حضن جارية
تعثرت على أديم أرض
محروقة و مسلوبة الارادة
قال :
ماذا تعرفين عن شاعر عاشق
يتلظى جوعا لكلمة و حرف
تستأصل رحمه جملة عصية
توصله حدّ النشوة حينا
و حدّ الاحتراق و العطش أحيانا
يصهر أنامله
ليعبر ضفة السّطر
يسترسل في الصّهيل
لغيث كلمة
يتأوّه لمخاض جديد
و تنأى به القصيدة
إلى حدود الهذيان
برسم جغرافية
تزحف على إطار الصمت
قال :
ماذا تعرفين عن عاشق
في عينيه يفرّخ الحمام
و على شفاهه يكتب الشّهداء
وصاياهم الأخيرة
من وريده يصنع عباءته
كما تصنع القصور
على أعتاب جزيرة خاوية
يكتبه الحنين و الذاكرة
ليفسخه الحاضر
برايات تمزّقها الرياح
فوق ربوة من الجثث
يتخبط مع الجوعى
في شوارع الفراغ
و ينتظر دوره
على أعتاب مدينة لم تأت
يتوسّل الحرية خلف نقاط العبور
ينام على الحصى
و يلتحف الغبار
مع أيتام أرض و طالبي لجوء
ماذا تعرفين عن صبي
لفضه الموج ليعرّي
سوآت سواد السلاطين
و جبين الأمراء
خلف حفلة شواء
و قهقهات بائعي الوهم
لمخنوق ينتظر
جرعة أكسجين
كيف لا أكون مختلفا...؟
فحينما تتضوّعين
لا...لا أستكين
و كلّك بأحشائي
و أحشائي من طين
و على صدغي
ينبت الياسمين
~ طاهر الذوادي ~
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق