يوميات أناس عاديين
382
***********
سمعت وقْع خطواتٍ خلفي ، فاستجمعت كل الغِـلِّ الذي بداخلي .. نهضت من مكاني ..كانت هي .. ( ماما ) . هذه المرة فجَّرتْ صوتها علي وصرختْ: أيها الغبي .. أيها اللقيط ... أشعلتْ هذه الكلمة الأخيرة غضبي ، فركضت بسرعة نحو الباب الذي وارته خلفها ، أردت أن أصفعه ، ففي كل الأحوال لا يمكن صفعها " هي ". ثم تراجعت عن قراري آخر لحظة .. كبحتُ نفسي وقلت بصوت عالٍ : " أم مجنونة غبية ".
كانت لا تزال تصرخ داخل البيت .. سبَّتْني كأني لم أكن قطعة من كبدها قطُّ، وشتمتْ أبي الغائب بأفظع الألفاظ وكأنه لم يكن زوجها يوما .
لما تيقنتُ أنها هدأتْ ، عدتُ إلى البيت ، تقوقعتُ على الأرض في وضعية الجنين في زاوية غرفة متواضعة الفراش . نظرة الغضب على وجه أمي رسمتْها بكل احترافية .. لم أستبعد بداية عنف جسدي عاجلا أم آجلا . مشاعرها .. أحاسيسها .. غضبها وصراخها كل ذلك لا يكون مجرد موقف بل اتخاذ قرار وتنفيذه بحذافيره . سمعتُ صريرَ الباب الخارجي .. ظننتها خرجتْ .. وكم تمنيت ذلك لأنعم براحة كمن شفي من ألم معدته ، لكن سرعان ما انتصبتْ أمامي وفي يدها حزام جلدي متين .. ناولتني منه ضربة ..ثم أخرى و ثالثة .. كنت أتوسل باكيا .. لم تشفع لي كل الدعوات التي أمطرتُها بها ، و لا دموعي الساخنة المنهمرة على خداي.. عقابها ذلك أيقظ كل أوجاعي وجوعي .
كان حدود العاطفة بالنسبة إلي تجاهها قد انمحى تماما . فأنا المغفل وددتُ لو ضمتني و عانقتني بعنف وصفحتْ عني ، لكن كان العكس . لن يكون الحدث بمذاق : " نقطة في آخر السطر " فغدا يوم آخر قد يكون بنقاط مسترسلة .....................
بقلم
أسيف أسيف // المغرب //
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق