حملة حصاد
قالَ لها: لا تعرفينَ إلى أيِّ درجةٍ أحبكِ!
تمايلتْ خجلاً وألقاً، وهفهفَتِ الرياحُ بخاصرتِها الذهبيةِ، لدرجةٍ أنَّها لم تخبرْ السنابلَ التي تصطفُ إلى جانبِها.
قالَتْ لهُ: حطَّمني بالحقيقةِ ولا تسعدني بكذبةٍ، أعرفُ أنَّ منجلكَ قادمُ لا محالةَ!
قالَ لها: لا تنشغلي بتحليلِ نواياي، فأنتِ ثمرةُ تعبٍ دامَ لشهورٍ.
أعادَتِ السنبلُةُ ترتيبَ ملامحِها، وانشغلَ المنجلُ بتقبيلِ ثغرِها الذهبيِّ.
التحفَتْ الأشياءُ الجميلةُ في باقةٍ من الصبرِ، مدركةً أنَّها تحتاجُ لوقتٍ حتى تطحنُها رحى الأيامِ.
جمعَتْها أمنياتٌ رقيقةُ في كيسٍ واحدٍ، وقلوبُ السنابلِ تدعكُها ماكنةُ الحصادِ.
خاطبَتْ سنبلةٌ بالغةُ رفيقاتِها: تظاهري أنكِ بخيرٍ مهما عصفَتْ بكِ الرحى، فالكتمانُ أروعُ من شفقةِ المنافقينَ.
رصَّ الفلاحُ أكياسَ القمحِ واحداً فوقَ الآخرِ، وطافَ بالسنابلِ حلمٌ، بأنْ تسكنَ أحداهُنَّ في كوخٍ بعيدٍ جداً عن ألسنةِ النارِ، وذاكَ رجعٌ بعيدٌ....
أمل هاني الياسري/ العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق