.الخيرُ والشّرُّ.
بين العالمِ العربيّ والإسلاميّ والعالمِ الغربيّ
تتمّة .
وما ضاقت بلادُ الأندلسِ بما اتسعتْ له بلادُ العربِ والمسلمين في المشرقِ العربيّ، و بما اشتهرتْ به علمًا وفكرًا ومعارفَ ،فالإشعاعُ العلميُّ العربيُّ و الإسلاميُّ الذي أشرقَ على أوروبّا عبْر هذه البلادِ أسهمَ في بناءِ الحضارةِ الأوروبيّةِ الحديثةِ ،بما عرَفَه منِ ازدهارٍ في الفقهِ وعلومِ اللّغة ، ومن فنونِ الأدبِ والتّاريخِ والتّرجمةِ، ومعه كانَ انتشارُ المدارسِ والمراكزِ التّعليميّة، وكان تطوّرُ العلومِ في مختلفِ مجالاتِها . وهذه الجوانبُ يُفرَدُ لها دراساتٌ خاصّة .
والهمُّ في هذه المقالةِ هو أن نُقيمَ مقارَنة ما بينَ دورَيْنَ أدّى واحدًا في التّاريخ الإنسانيّ منهما العربُ والمسلمون، وأدّى الآخرَ العالمُ الغربيُّ، فكانَ ما كانَ من نتائجَ ما زالَ عالمُنا شاهدًا عليها حتّى اليومَ .
واقعُ الأمرِ يشهدُأنّه ما إن قطفت أوروبّا ثمارَ إنجازاتِها الحضاريّةِ حتى التفتتْ إلى التّنافسِ الاستعماريّ على نهْبِ ثرواتِ العالَمِ، لإشباعِ حاجاتِ ثورتِها الصّناعيّةِ من مواردَ طبيعيّةٍ وموادَّ أوّليّةٍ، وسرعان ما تنكّرت الدّولُ الأوروبيّة الحديثةُ للمبادئِ والقيم الأخلاقيّة التي زعمتِ الإلتزامَ بها(المبادئ التي طرحتْها الثورة الفرنسية) ،إذ راحتْ تستغلُّ هذه المبادئَ والقيمَ كشعاراتٍ تسوّغُ بها غزوَها الإستعماريَّ للعالَمِ ، وكان الإلتهامُ لخيراتِ الشعوبِ الأخرى وسرِقة مُقدّراتِها ، ودخلتْ أوروبّا بذلك في حقبةٍ تاريخيّةٍ جديدةِ ،رفعتْ خلالَها شعاراتِ المشروعِ التّنويريِّ ومبادئِ الثّورةِ الفرنسيّةِ من حرّيّة ومساواةٍ وديمقراطيّة وحقوقِ إنسانٍ والزّعمُ أنّ هذه المبادئَ شاملةً يشتركُ فيها جميعُ البشر، وبدَلًا من تصديرِ هذه المبادئِ والقيَمِ الإنسانيّة إلى شعوبِ العالَمِ "المتخلّفة" التي غزتْها تحت ذريعةِ تحضيرِها عملتْ تلكَ الدُّولُ الاستعماريّةُ على تصديرِ الحروبِ والويلاتِ والتّجزئة والتّخلُّفِ والفقر، بل حاولت شنَّ حربِ إبادةٍ ضدّ بعضِ الشّعوبِ .
وزادتْ على ذلك لتستكملَ ما بدأت به من نهبِ الخيراتِ والسّيطرةِ على المقدِّراتِ أنها أدخلتْ بعضَ النّظمِ الإداريةِ ،والآلاتِ المتطوّرة لتسهيلِ استخراجِ الموادِّ الأوليّة ونقلِها ، وبنت منشآتٍ وموانئَ بحريّةَ وسككًا حديديّةً لنقلِ السّلعِ التّجاريّةِ والموادِّ الخام، وراحت توفّرُ الضّروراتِ وكلَّ ما يسهّلُ تنظيمَ مستعمراتِها وإدارتِها .
"وكان عالمُنا العربيُّ قد نالَ وما زالَ الحصّةَ الكبرى من هذه السّياسةِ الإستعماريّةِ القائمة .والشّرحُ يطولُ ".
وإن تناسَينا فلن ينسى العالَمُ أن الحضارةَ الغربيّةَ هذه قد أفرزَتْ إلى ما أفرزتْه ،النّازيّةَ والفاشيّةَ والتّفرقةَ العنصريّةَ( فلسطين، وجنوب إفريقيا ) ومعها جميعًا كان الإستعمارُ بمختلّفِ أشكالِه ، وكانتِ الحربُ العالميّةُ الأولى ولحقتْ بها الثّانيةُ وفيها ظهر استخدامُ الأسلحةِ النّوويّةٍ وكانت اليابان ضحيّتها الأولى ، وتلتْها في القتل حربُ أمريكا في فيتنام في النّصفِ الثّاني من القرنِ الماضي ، وكان العدوانُ الثّلاثي على مصرَ عامَ 56 ، وبعدَه كانَ عدوانُ الخامسِ من حزيرانَ عام 67 لتكرّ السّبحة لتحتلّ اسرائيلُ جنوبَ لبنانَ عام 78 ،وبيروتَ العاصمةَ اللبنانيّةَ عام 82 وكان فيها ماكان من مجازرَ في صبرا وشاتيلا ، ولنا أن نتحدث عن حصارِ العراقِ ثمّ عن احتلالِه بين عامي 1990 و2003، دون أن ننسى أفغانستان ومآسيها وقتلاها وما فعلتْه أمريكا فيها على مدى عشرين عامًا . كلّ ذلك قد حصدَ بفعلِ سياسةِ الغربِ الاستعماريّة الملايينَ من القتلى قد يصعبُ إحصاؤُهم على مرّ هذه التواريخ . .نهجٌ تولّتْه أوروبّا أولًا ، ثمّ سلّمتْه صاغرةً لأمريكا فكانت الشّرورُ بمعانيها وأفعالها القاتلة .فماذا يعني أن يكون لأمريكا ثماني مئةِ قاعدةٍ عسكريةٍ في كلّ بقاعِ العالَمِ ؟ يكفي للإجابةِ على هذا السّؤالِ ما يجري من عدوانٍ صهيونيّ غربيٍّ على أرضِنا العربيّة وبعضُها حاضنٌ بمحبّة صارخةٍ للولايات المتّحدة الأمريكيّة ولقواعدِها العسكريّة .
عبد الله سكريّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق