الاثنين، 7 مارس 2022

 ق.ق.


سطور من زمن الجهاد


.بعد سفر طويل بين قاعات الرياضة والتجميل وحفلات التكريم.بين نصوص تسقط وتحذف وتزين وجمل تكتب وأجبر ذاكرتي لبلعها، لارددها على مسامع سمو الحضور الكريم. عدت لوطني الذي اتنفسه ويتنفسني ورغم البعد اوشوش لنسمات راحلة لتحمل له شوقي . عنق مكتظ بالميداليات و حفاوة استقبال السادة الكرام.أخيرا !!

عدت لمنزلي،لتأخذني جدتي ذات الشعر الأحمر الزهري والوشام الأمازغي ولباسها التقليدي بين ذراعها الدافىء ،بابتسامة تذيب ثلج القلوب كطفل مشتاق لأمه الرءوم وبيدها المرتعشة تمسك بيدي وتضعني أمامها لتقرأ بعض القرآن ،تقول لي أن عيونهم كاسرة قاتلة،فابتسم!! وتستمر بتمتماتها...

تجعل اللقمة في فمي معاتبة،مستنكرة إهمالي ،مرددة «هذا الجيل يهتم بالفستان والسروال والهيكل الذي يستقبله أو يركب حسب معايير عالمية وصاحب الفرس غيرمهم إن كان ذو تاريخ،ذو مجد واجداد يفاخر بهم الأمم».

تقول جدتي أن كل شيء بدءا من الخيط الى القماش كان فنا،اختيار التطريزة،الى الالوان الى الزحرفة الى الخشب كلها تخضع لحس راق مرهف،لقانون الحواس المصقولة منذ الصغر،لحكم الطبيعة أن كل عمر وفترة لها هيبة..جدتي تلك المرأة التي غرست الأشجار المثمرة وسقتها بعرق الجبين وكانت تراتيل دعائها من قلب أعجمي يردد بيقين فطري، راجيا غيث السماء، بايمان قطعي أن خالق الأكوان هو المدبر.


من رحمها أنجبت أسودا لا تفزعها الفازعات وتصبر للابتلاءات وترقد في الخلاء كالذئاب ولا تهاب الظلام ولا تخاف الموت. كانت جدتي ترضع طفلها وبصدرها أمنية أن يكون عالما ينفع بعلمه العباد أو طبيبا يداوي نزف الأمة أو جنديا تسري في عروقه القضية.

ذات مساء مقفر حزين نبشت تاريخ معركة كانت طرفا فيه وحملت بيدها المشققة بريح التربة بندقية لتحمي نساء عشيرتها من العدو الجائر ،قالت أنه يهاب نساء زمانها لأنه كان يرى شرارة عيونهن وما وراء وجع وسخط وغضب الرجال ان بكت أنثى أمتهم قهرا أو غدرا .

وتذكرت ذات الشعر الأصفر والبروتوكلات والقفازات والوشام المزين بشكل قلوب وفراشات ورموز شيطانية، والتى تلبس فساتين مضغوطة فاردة مفاتنها لتأسر قلوبا وهنت .تذكرت شفاهم المنتفخة المزيفة وأكذوبة الحرية وتاج أجمل الجميلات وسفراء السلم والسلام والسجاد الأحمر .

صور محاها صوت المجاهدة وضل بذاكرتي وجه جدتي

وأنا أحتضن صورتها.


نور الرحموني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خسرت نفسك

 خسرت نفسك متى خسرت نفسك ضيعت يومك وأمسك محوت ذكراك وإسمك لِتباع في أبخس صفقة متى سرت بهذا المضمار أين جرفك وأخذك التيار ألقيت الطهر في سعير...