مشاوير ...4...
______________
بالنسبة لي لا أعرف مدائن أعيش فيها غير بلدة الخضراء .كانت قريتنا تبعد عنها مسافة سبعة أميال. حين زرتها أول مرة لم أتوقع أن أراها بهذا الجمال .وجدتها عبارة عن مربع بمساحة هكتار ونصف .واجهات البيوت تفتح في وسط المتاهة .سيجت عن آخرها بأشجار فواحة وذات عطر خلاب. إحتلت المدرسة المركزية واجهة بكاملها .بينها وبين سكن الرهبان ممر ضيق .يفضي أخيرا إلى مزرعة الزيتون .وفي المقابل كانت الكنيسة تربض منذ مئات السنين .شاهقة وأقواسها إرتفعت بمقدار ثلاثين مترا .تدلت نواقيس من البرونز بأحجام كبيرة جدا .وفي منتصف كل ناقوس علقت سلاسل من الفولاذ .حين تقرع للصلاة تستنهض سكان الماركوني. وفي الجهة اليمنى كان المستوصف الوحيد . رائحة الدواء منعشة حين تسربت إلى أنفي. .ولكن حين رأيت أحدهم جيء به على عربة يجرها حصان ضامر. يضرب فيه صاحبه بشدة .والرجل يمسك بتلابيبه نفر غير رحماء .عندما إقترب الركب من الباحة حتى بدأ المسكين في الصراخ فصفعه رجل في العقد الرابع ..
كنت أمسك بجرد والدي وحين شعر بأنني إرتعبت ربت على كتفي ومسح على فروتي. .لا تخف ...لا تخف. .
كان الرجل قد لسعته أفعى. .كما قال والدي ..وقد حسم أمره أخيرا. .أمسك بيدي وهو يقول ..إلى السوق هناك سنتقابل مع نفر رأس العيد ...
كان السوق يقع على قارعة الطريق .إنتشرت المعروضات على مساحة كبيرة .وقد هجمة على المعصرة الإغريقية إلتى تتوسط الباحة .ويحرسها ثلاثة جنود يمتشقون الأسلحة ويلبسون خوذات من الرخام ناصع البياض ..ثمة خضراوات وقناني خضراء ملئت بزيت الزيتون .وقفاف من الجريد الأصفر. وماعز وخراف وزرائب لأضحيات العيد ..لا توجد سيارت كما هي اليوم لكن الاحصنة والدواب تستظل بأشجار الصنوبر .وقد هالني منظرها وهي تنكس رقابها للأرض بعين نصف ناعسة جراء التعب والإرهاق. إشترى والدي برادة فخار من تاجر جوال .حين تفحصها والدي بين يديه وصار يقلبها من يد لآخرى ويضرب بطنها قال التاجر .لا عليك ياشيخ هذه البردات أتقن صناعتها سكان الشمال .نحن إشتريناها من تاجر أمازيغي يقيم في تامورت ..وهي تحافظ على برودة الماء حتى آخر النهار ..
إشرينا خضار وفاكهة. وعندما مررنا على عربة صغيرة كان صاحبها يبيع الألعاب والخرداوات. قال والدي هيا إختار أيا منها ..لم يعجبني شيء سيارات وقطارات و عرائس من السيليكون. لكنني أخيرا وتحت إصرار والدي إخترت أفعى من المطاط .كان شكلها مخيف لكنه ليس غريبا على .وفي طريق العوده فكرة كيف أخيف به رفيقتي. خالدة .التي تزاحمني على المرعى. وقد تخيلتها كيف تقفز في الهواء خوفا من الأفعى. .وكنت أضحك منها وحدي ..
في البيت وصلنا مع الغروب كنت مرهقا جدا ..خلدة للنوم ووضعت الأفعى تحت وسادتي. .داهمتني الكوابيس .رأيت أن رأس الافعي قد تحول إلى وجه خالدة واسنانها تقطر سما .لهذا فقط أنا أبحث عن إمرأة لا تضع السم في العسل ..
______________
على غالب الترهوني
بقلمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق