الاثنين، 7 يونيو 2021

صباح خلف عباس العتابي)

 قصة قصيرة    ( رحلة عشتار السماوية )

في البدء هي مجرد روح هائمة  ، أختلطت  مع الملايين من الارواح  المستدعاة في أحدى زوايا السماء التي لا حدَّ لها …

كلمات من الله  أحدثت أمواجاً على سطح الارض والسماء ، وأسرعت الملائكة بأستحضار الارواح أفواجاً ، نزلت مع النازلين روح ( عشتار) وظلت تحوم حول قبرها ، وهو منزلها الاول بعد وفاتها قبل مئات السنين ، وحيث حظيت بجنازة لائقة …

هي ترفرف حول رمسها الان متدلية ،وما إن نزلت قاع الأرض حتى ضاقت ذرعاً وتمتمت :

—  منزلي في السماء أكثر اتساعاً وحرية … لماذا أُرجعتُ الى حيث الظلمة ؟؟ 

بحثت ( عشتار) في قاع قبرها ، لم تجد هيكلها العظمي ، أحتجت واجتاحتها 

رغبة غير عادية وملحة لإن تسأل الله عن رفاتها ، لكنها تراجعت هيبةً ، وجهت حديثها للملائكة المصاحبين لها :

— يبدو إنكم مخطئون … هذا ليس قبري ، ولا يوجد شيء مني هنا …!!

استسلمت للأمر … وأعتقدت بأن كل شيء قُضي وانتهى …

بعد زمن لم تستطع حسابه… زمن لاتميز كنهه ، بدأت جلبة ما داخل قبرها ، ويبدو  إن هيكلها العظمي المختفي بدأ يتلملم ويلتحق بها ذرات تراب وأشياء أخرى لتشكل هيئتها وتعود مرة أخرى امرأة جميلة وحرة …وهاهي تنسل من قبرها لتقف أمام العدل الإلهي ، مرتدية  أردية بيضاء ، منسدلة جلابيبها عليها بالكامل وهي تتوهج مثل لمعان الشمس … 

هي لاتعلم كم مضى  عليها من الوقت بين لحظة موتها …ولحظة فتحها لعينيها من جديد …ولكنها الآن في صباح زجاجي ومشرق ، سيقت مبكراً في رحلة سريعة عبر الآفاق ، وجل أمنيتها أن يتوقف ركب الملائكة بها أمام فتحة الرحمة …فهذا أملها الكبير ،هي الآن لاتهتم الى طول الرحلة وقصرها … بل الوجهة والفتحة التي ستدخلها هي كل ما يهم الان …

هي لاتريد أن يتوقف موكبها أمام ايّ من بوابات جهنم …ربما تكون  من المحظوظات وتجتاز تلك البوابات النارية ، الأمل لازال قائماً لحد الآن …

فلا يزال لديها ضوء من شمس ما …ضوء جميل قد نسته تماما في قبرها ، تلك العتمة التي لاقرار لها من العتمة القاتلة ٠

إنها الان على قيد الحياة ثانية كما يبدو ، رغم جهلها مانوع هذه الحياة … لذا  فقد تمتمت مع نفسها  :

—  سواء أهذه نهايتي أم بداية لحياة أخرى ، لا أدري …

الحيرة تتسع أمامها في رحلتها السحرية المستمرة ، لحد الان  ولم تتوقف عند ايٍّ من البوابات الجهنمية أو الرحيمة ، فقط سفر متواصل عبر فضاء ممتد الى اللانهاية … تتصادم بأرواح كثيرة … 

السماء مليئة بالأرواح المنفلتة … الملايين منها ، هابطة صاعدة… بعضها يصدم بعضا،كأنها ذرات مذعورة في فسحة الكون هذا … نفوس مختلفة الألوان والأشكال والأحجام …منها ماهو مشع ، ومنها ما هو مظلم قاس … وهناك أرواح من شرر ونار  عليك ان تتجنبها ، كلها طائرة بإتجاهات  مختلفة ومتعاكسة كالدبابير الهائجة …

هي تريد التأكد من انها قد تطهرت من ما لحقها من مصنع الخطايا المهيمن على الارض ، وأن ذنوبها قد  تبعثرت  منسلخة عنها في سرعة الريح وهي تجول على غير هدى ، لانها تعتقد الان أن العفاريت الأرضية كانت تستمتع في  إيذاء البشر … وعليها الان تجنبها في السماء … ويبدو أن الشياطين لازالت معلقة على بوابات السماوات  هي الاخرى في محاولة لاصطياد فرائسها المغفلين … فقالت :

— أنتم الشياطين الذين تنامون راء كل حجر … ستكونون وقود جهنم 

وأستمرت رحلتها … ثم…ثم التقطت  اسماعها صوتاً جميلاً ناعماً … يزيح القلق والخوف ويبشر بنهاية رحلتها هذه :

—  ان الله رؤوف رحيم … ان الله يقدم الخلاص حتى لأولئك الأكثر شذوذاً ، وإنحرافاً … فقط عليك إلاتجفو عن الرحمن والبؤساء من الناس ٠

رقصت … رقصت فرحة وهي في السماء … وبدأت  تزغرد وعلا صوت زغاريدها وتقافزها مبتهجة أستيقظ زوجها مرعوباً من نومه فقال لها :

—- خير أن شاء لله !! مابك يا امرأة ؟

فردت عليه في  اندهاش وارتباك :

لاشيء ، يبدوأني علقت برؤيا ما……


             ( صباح خلف عباس العتابي)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

طفلة الشوق

 ( طفلة الشوق )) ومن النساء أنت  طفلة تخطفني إلى عالمها تتقلب ما بين صدري وقلبي ترسم بيديها قبلة فوق جسدي ونار الحب تحرقني تغازلني تعانقني  ...