قلوب جريحة
الحلقة 9
جاء اليوم الأول لفحص البكلوريا، فادي كان مشغول الفكر على فاديا أكثر منه على نفسه، هل فاديا انهت منهاج دراستها؟ كيف همتها للفحص. المشكلة لا يوجد تواصل بينهما لأن المنطقة التي يعيش فيها فادي خارج نطاق التغطية لا موبايل ولا انترنيت، لذلك فادي لم يتواصل مع فاديا منذ طرد أبو فاديا أبو فادي وعائلته من القصر بعدما كشف بالصدفة أبو البنت رسائل الحب المتبادلة بين ابنته وبين فادي.
ذلك الصباح استغربت عائلة أبو فادي حضور أم سمير في الصباح الباكر، تحمل معها صينية القهوة وتسأل عن فادي تحديداً، علماً بأنها لم تسأل عنه سابقاً.
قالت أم سمير: فادي حبيبي أرجوك أن تصحب وردة معك وتوصلها إلى مكان الفحص، وتعودا سوية، لأنها خائفة جداً من الامتحان، وليلة أمس لم تنم كما يجب، كانت تنام، وتستيقظ تفتح الكتب، وتغفو فوق الكتاب.
فادي لم يكن يعرف وردة، لمحها بعض المرات تمر من أمام بيتهم، لكنه لم ير وجهها ولم يحادثها يوما،
هذا الصباح عندما شاهدها ادهشه جمالها بعدما أجرت بعض لمسات التجميل الأنثوية لوجهها وشعرها وارتدت ثوباً جميلاً ناعماً زاد في جمالها...
نظر إليها بدهشة، وقال بصمت الكلام، هذه ليست وردة، هذه هي أجمل من جميع الورود التي أعرفها...ثم استعاد رشده وقال، وهل هناك أجمل من حبيبتي فاديا، أنا ألوم نفسي كيف رأت غير فاديا... لا بد أنا إنسان غير وفي كفاية...
أسئلة الامتحان كانت صعبة، فادي بهدوء كان يقرأ الأسئلة بتمعن، وبعدها كان يجاوب على الأسئلة بهدوء، ورزانة.
خرج من الامتحان، وهو مطمئن بأنه سيفوز بكامل العلامات...
انتظر وردة حتى خرجت، كانت هي ورفيقاتها يتجادلن حول أجوبة الامتحان، سألت وردة فادي عن سؤال يتجادلن حول اجابته، والصبايا يتغامزن لوجود شاب ينتظر زميلتهن بجانب باب المدرسة.
فادي جاوب على نقاط الخلاف بينهن مما أثار اعجابهن وافحمهن. مما زاد بإعجابهن. ولم لا، هو شاب وسيم ولطيف.
وردة تظاهرت بأن فادي هو صديقها كونه ينتظرها وكون الصبايا تغامزن وضحكن بمعنى هذا الشاب يعني حباً كان مستتراً واليوم ظهر على الساحة.
حتى تؤكد وردة ظن صديقاتها، فاجأت فادي وتأبطت ذراعه، لتؤكد لهن بأن فادي حبيبها لذلك هو ينتظرها أمام مدخل المدرسة.
فادي لم يسحب ذراعه أمام الصبايا ويبعد وردة ويخجل جارته... لكن بعد أن ابتعدا عن المدرسة سحب فادي ذراعه وفك ذاك الارتباط الكاذب والوهمي...
كانا يذهبان ويعودان سوية، وردة بالفعل أعجبها فادي، ذكاء، وجدية، وشاب وسيم، وهو أبن جيرانهم، كذلك أم وردة أعجبها الشاب اعجاباً انتقل بالعدوى إلى ابنتها...
لم تخفِ وردة اعجابها بجارها، تمادت بحركات الاعجاب أمام زميلاتها، اللواتي أردن معرفة قصة الحب التي تعيشها زميلتهن. وكانت سعيدة بقصصهن التي يتخيلونها ويتناقلونها على أساس إنها حكايات واقعية، بينما أفكار فادي كانت في دنيا غير دنيا وردة التي لا تعني له احداً.
انتهت أيام الفحص، فادي يعرف الطريق الذي خطط له وهو امامه واضحاً، سوف يدخل كلية الطب حتى يصبح طبيباً، وبالتالي يفوز بقلب حبيبته فاديا التي تعيش حبها بقلب مجروح، سببه البعاد بينها وبين حبيبها فادي...
وردة صارت تتقصد الحضور مع ابويها وتجلس مع الجميع في حديقة ابو فادي يتسامرون، وصارت تساعد أم فادي في صنع القهوة والحلويات، غايتها أن تدخل قلب المنزل ربما ترى من أشعل قلبها بجذوة حب بدأ ينشر حرارته في كل كيانها وحياتها...وكأن اكذوبة صديقاتها بالحب هي صدقتها، وباتت تحب فادي بالفعل...
صارت تحضر القهوة. تجلب الفناجين، وتعيدها تغسلها، وتفتعل حركات يصدر عنها أصواتا، حتى تجعل فادي ينتبه لوجودها، وفادي لا يكترث...
بعدها صارت تدخل إلى غرفته لتقدم له فنجان القهوة، بينما هو غير مكترث وغير مهتم.
فادي، شاب ذكي ويفهم حركات وردة تماماً، لكنه يتجاهلها تماماً، قلبه يسكن في البعيد في قصر فاديا...
الحقيقة أم فادي لاحظت هذا الاهتمام من وردة تجاه ابنها. لا أخفاكم أصدقائي، أمه ارتاحت لهذا التقارب الذي تبديه وردة. بل كانت افكارها تذهب إلى البعيد، سمير أخو وردة يتزوج ابنتها سعاد، وفادي يتزوج وردة وتتداخل الاسرتان مع بعضهما ويصبحان عائلة وحيدة متينة.
صحيح أم فادي كانت تعرف مشاعر فادي القوية تجاه فاديا. لكنها غيرت حساباتها، هنا وجدت التقارب البيئي والثقافي والاجتماعي بين العائلتين...
أفضل من تلك العائلة الغريبة عنهم، وثوبهم غير ثوب ابنها وأهله. ناهيك عن ذلك، الجرح العميق الذي احدثه ابو فاديا في قلب زوجها من الصعب أن يندمل في قلبها.
كما إنها كبتت البركان الثائر بداخلها عما فعله زوجها بإعطاء أبو فاديا قيمة مصاغها المقرر لحفر البئر لري الأرض الواسعة حول المنزل...
هذا مما زاد في حقدها على أبو فاديا .
إلى اللقاء في الحلقة 10
الكاتب: عبده داود
الحلقات السابقة تجدونها بمجموعة (مجموعة رواياتي)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق