قلوب جريحة
الحلقة 10
ظهرت نتائج البكلوريا، وصارت فرحة فادي لا توصف. لقد تعب فحقق نجاحاً يحسد عليه، وحصد تقريباُ كامل العلامات في كافة المواد، وبذلك تأهب للدخول إلى كلية الطب، في أي جامعة يختارها...
وردة أيضاً نجحت، بعلامات مقبولة أهلتها للدراسة في كلية الهندسة.
فاديا لم تنجح، علم فادي ذلك من الراهبات
وقد للمدرسة ذاتها في بعبدات لتعيد البكلوريا.
فادي يعرف تماماً أسباب فشل فاديا التي كانت من المتفوقات، والدها هو الذي جرح قلبها عندما طرد حبيبها وأبوه من عمله وسكنه.
بعدما قرر أبو فادي العمل في الزراعة وهو بحاجة المال ذهب ليبيع صيغة زوجته، وصدفة التقى أبو فاديا وأبو فادي عند الصائغ صديقهما في بيروت، تعاتبا وتصافحا وتصالحا...وقال أبو فاديا سامحني يا أبو فادي، أنا أخطأت معك، الأولاد يخطئون والأهل يضرسون.
أم فادي، جن جنونها من فعلة أبو فادي، كيف تصرف بالمال، وهي كانت ستخصص جزءاً منه لدراسة ابنها في كلية الطب وحتى تعيد للأرض الحياة وتكون مصدر رزق للعائلة، وتضمن لابنها مصاريف كافية خلال سنوات الدراسة الجامعية...
لذلك هي حزنت بشدة وحقدت على عائلة أبو فاديا ولم تعد تطيق تسمع شيئاً عن تلك العائلة ولا حتى تريد فاديا زوجة لفادي، وخاصة بعدما أقنعت ذاتها بأن وردة ابنة جيرانهم، ستكون الزوجة الأفضل، والمناسبة أكثر لابنها... وبدأت تقرأ على اذن ابنها محاسن وردة، هي ملكة جمال، ست بيت، تعيش معنا على الحلوة والمرة، وسوف تعطر لك حياتك. وهكذا في مناسبة وبدون مناسبة، تمدح ام فادي بابنة جيرانهم وردة...
أيضاً أم سمير كانت تتمنى أن يتم هذا الأمر. لأن أبنتها ستعيش بجانبها معززة مكرمة مع شاب محترم...وجيران أمسوا لهم أهلاً بالمحبة.
حزن فادي كثيرا بعدما عرف بقصة مصاغ امه وبذلك سقط حلم فادي أن يدرس في كلية الطب وسقطت بذلك كامل أحلامه...
وحتى لا يزيد في حزن امه، وفي آلامها صرح كاذباً بأنه لم يعد راغباً في الدراسة، وقد وجد عملاً في صور في مدرسة الراهبات التي تعلم فيها.
رحبت الراهبات كثيرا بطلب فادي الراغب في التعليم بمدرستهم. لأنهن يعرفن أخلاق الشاب، ويعرفن مقدراته العلمية.
أيضاً، وردة أصاب قلبها جرح دامي، لأن فادي لن يذهب إلى بيروت وبالتالي هي لن تلتقي معه في المدينة الصاخبة التي لا تنام لا في الليل، ولا في النهار... وسوف لن تعيش قصة حب حارة كما هي رسمتها في مخيلتها...
استأجر لها أهلها غرفة في بيروت، وكانت تأكل في مطعم الجامعة، وتتردد على أهلها بين الحين والحين...
كانت أم فادي وأم سمير، تشجعان فادي على التقدم لخطبة وردة. وبالفعل صارت عنده قناعة بقبول هذا الأمر ولو على مضض، بعدما اقنع ذاته بأن فاديا أضحت حلماً مستحيلاً.
قبيل عطلة عيد الميلاد، كانت عائلة أبو فادي جميعاً في زيارة بيت أبو سمير يجلسون بجانب موقد الحطب، يستمتعون بمنظر النار المتراقصة. وأبو فادي يحركها ويلقمها ويأججها والنار تتراقص وتبتهج وتبهج.
توقفت سيارة حمراء أمام مدخل البيت، نزلت منها وردة ومعها شاب غريب.
قدمت وردة زميلها في الكلية، قالت اسمه جوني وقالت جئنا نمضي أعياد الميلاد معكم.
وفي جو الاستغراب والتساؤلات قالت وردة: بصراحة هذا أمر لم يعد سراُ، ولا بد لي أن أكاشفكم به جوني هو زوجي...
أم وردة كانت جالبة صينية القهوة، سقطت من يدها، وهوت هي على الأرض مغمى عليها...
عندما استعادت وعيها قالت: أرحلي الآن، وعيشي مع زوجك هذا، أنا لا أريد أن أراك في بيتي بعد اليوم...
قال أبو فادي. طولي بالك أم سمير يجب أن نعرف كل تفاصيل القصة، ومن هو هذا الشاب. لا يجوز أخذ قرار صعب كهذا ونحن في حالة غضب.
قال جوني: نحن في صف واحد في الجامعة وقد احببنا بعضنا، وقررنا المساكنة سوية، هكذا يعيش أغلب الشباب والشابات زوج وزوجة في أوروبا، يتساكنون ولا ينجبون، حتى لا يكون الأولاد عثرة في حياتهم، وحتى لا يكون الزواج الرسمي، المدني أو الكنسي، عائقاً في فض المساكنة، إذا ما صار خلاف بين المتساكنين. أليس هذا أفضل من زيجات معقدة. واوراق رسمية لا معنى لها.
سأله أبو فادي: وهل أهلك موافقون على هذه الحياة التي تعيشها في بيت منفصل، وتأخذ مصروفك منهم، وتفتح منزلا خاصا لك ولزوجتك.
قال جوني: أنا طلبت من أهلي أن أسكن بمفردي وأساكن حبيبتي وهم وافقوا على طلبي لأن هذا هو نهج الحياة المعاصرة.
أنا ووردة في غاية السعادة، ندرس في الجامعة سوية، ونعيش سوية، ونحن فرحين بحياتنا...
وأهلي يصرفون علينا حتى ننهي دراستنا معا.
سأل أبو فادي، وهل الله يرضى عن علاقات المساكنة هذه، أم إنكم نسيتم تعاليم الله؟
قال جوني: نحن لا نخالف شريعة ربنا، نحن فقط اوجدنا طريقة جديدة للزواج.
قالت ام سمير لماذا لا تجلسان مكان ربنا وتسنوا القوانين بدلاً عنه؟
قالت أم فادي، يا ابني يا جوني، يبدو إنك شاب واضح وصريح، لكن نحن يا ابني متمسكين بمبادئنا
الأخلاقية، لا تجيز لنا أخلاقياتنا الاجتماعية هذه الزيجات البعيدة عن وصايا الله المقدسة.
قال أبو سمير: ابنتي ذهبت ضحية تعاليم شاذة غير مقبولة البتة، مع هذا نحن نرحب بك يا جوني، شرط أن تحضر أهلك، ويطلبون ابنتي رسمياً...وتتم الأمور كما ربنا سنها ورسمها، غير ذلك لا مكان لكما بيننا.
قال جوني سأفعل.
قال أبو سمير: الآن غادرا
كاتب القصة: عبده داود. ح
إلى اللقاء بالحلقة 11
الراغبون قراءة الحلقات السابقة تجدونها في (مجموعة رواياتي)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق