قصة قصيرة
بقلمي الكاتب واعلامي وائل الحسني
(( الطفل اليتيم))
أثناء عودتى من عملي متأخرا شاهدت طفلا يبلغ من العمر اثنا عشر عاما على محيا يبدوا التعب والجوع والسقم.. وهو واقف في هذا البرد القارص والامطار تطرق ابواب السماء معلنة عن دقائق قادمة لهطولها على هذا الكوكب الذي نسميه ارضا..وبين يد الطفل اخر علبة من المناديل الورقية ينتظر آخر زبون لشرائها ..فذهبت لأشتري منه رحمةً به رغم أنني لا حاجة لي بها .. وبينما أنا أتوجه نحوه ذلك الطفل ظهر على جانب الطريق المقابل رجل اخر وتوجه للشراء أيضا من هذا الطفل ؛ فأعطيته الفرصة و تنحيت جانبا ..و أخبرته أننى نويت الشراء فقط لأرحم هذا الطفل من الوقوف بالبرد .فإذا بالرجل يخبرنى أنه جاء لنفس السبب و أنه لا حاجة له بالمناديل الورقية التي يبيعها هذا الطفل فقط لكي انقذه من هذا لبرد القارص فبتسم الرجل لي وذهب لحال سبيله .. فتعجبت وقلت فى نفسى : سبحان الله.. أرسل الله لهذا الطفل.. رجلين في وقت واحد.. فالما دنوة من الطفل وسالته عن حاله.. قال لي انه يتيم الابوين وانه يعيش في احد دور الأيتام بعد ان دمر الاحتلال الامريكي البغيض داره الذي كان يسكن به مع عائلته ولم ينجي من ذلك القصف سوها بحيث اخرجوه بعجوبة من الاتقاض.. وانا حاليا كما تراني اعمل ببيع المناديل الورقية لكسب قوة يومي .. بعد تركي للمدرسة وضياع مستقبلي الذي كنت أتمنى ان اكون طبيبا اعلاج الفقراء من ابناء بلدي الجريح.. سقطت دمعة من عيني ثم حضنت الطفل وقبلته من راسه.. وقررت ان اكون عونا له وان اعيده الى مدرستة.. ليكمل مسيرته الدراسية ومرت الايام والسنين.. وعصرت بنا رياح الايام تلك الاماني الضائعة حيث تغطس الصبوات لتجدد حلم اليقظة فينا.. ليصبح هذا الطفل طبيبا يمارس مهنته بكل حرفيه.. ان استمرارية الحياة بكل ما تحمل لنا من خير وشر هو نوع من الاصرار على كينونتها ومنهجها الطبيعي.. والاماني تظل معلقة في تخوم الوقت لحن تحقيق جزء بسيط منها
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق