دعوت القوافي
قصيدة
بقلم – الشاعر محمد القصاص
دعوتُ القوافي حينَ رُمتُ القوافيــــا فأعلنتُ سرَّا كان في النفس خافيــــــا
وأمضيتُ عمرا بين ضيق وحَيْـــــرَةٍ لأنّ حبيبي بات للقلب جافيـــــــــــــــــا
سلكت سبيلا موعرَ الدربِ شائـكـــا فكيف يجوزُ الدربَ من كانَ حافيـــــــا
ظمئتُ ولكن ليس ماء يشوقُنِـــــــي ولكن حبيب أصبح اليوم نائيــــا
ونحـتُ وروحي جاءها الهمِّ غازيــــا وضمدتُ جرحا كانَ في القلب باكيـا
إلى من تكلني يا إلهي وحالتــــــــــي على البعض هانت إنني العمرُ شاكيــــا
هدرتُ سنين العمر بين بعد ولوعةٍ *** فايقنت ان العمرَ قد بات فانيـــا
وأرخصت دمعا ثم جفتْ محاجــري فكم نزفتْ من أحمر الدمع قانيـــــــــــا
أحب مكان قد هجرتُ وليتنــــــــــــي تصَبَّرتُ حتى يَعرِفَ الناسُ حاليــا
سعير من النيران يكوي حشاشتي ولم تنطفي حتى تجف السّواقيـــــا
أكابدُ حَرَّ الجمرِ في كل لحظـــــــةٍ ولكن حرَّ الجمرِ في الجفن عاتيــــــــا
سنا النارِ يكوينِي ويُحرقُ أضلعـــــي كأنَّ لهيبا عاث بالصَّدر لاهيــــــــــــا
فيا خيرَ دارٍ كان قلبي يحبهــــــــــــا غدتْ غير داري بعدَ ألاَ تصافيــــــا
لقد عشتُ عمري ظامىء القلب صاديا وقد ناحتْ الأطيارُ حولي صواديـــــا
فصرت أداري عن عذولٍي بسلـــــــوةٍ ولم يعد السُّلوانُ للنفسِ كافيــــــا
أهاجرةٌ للقلبِ تبغين قتلَـــــــــــــــــهُ وقلبي عن الأحقاد مازال نائيـــــــا
أنوحُ وصدري اليومَ تُدميه غُصَّــــةٌ فتعسا لحال أتعبتهُ المراثيــــــــــــا
أيا أيُّها الباكونَ هل من تصبــــــــرٍ فجسمي من الآهات قد صار باليـــــــا
أبيتُ وعيني من دموعٍ تريقُهــــــــا من الوجد أدمتْ وجنتي والمآقيــــا
فوالله ثم والله قد عشتُ أشهـــــــرا مع الهمِّ أحزانا ألنَ التراقيـــــــــــــــــا
أروحُ وأغدو مع حنيني وحيرتـــــي حبيس زفير في ثنايا فؤاديـــــــــــــا
ولي كبد حرى تذوبُ صبابــــــةً وأحمل نفسا لا تملُّ التَّصَابيــــــــــــــــــا
أروح ونفسي إذ تهيمُ بها جـــــــوىً ودون حروفي قد شَقَقْـت ثيابيــــــــــــا
ألا ليت شعري أرهَقَ البينُ عاتقـــي فهل من دواءٍ يبرئُ القلبَ شافيــــــــا
شكوتُ مراراتِي وبؤسِي وحُرقتِــــي ودمعاتِ وَجدٍ ملَّ منها وِسَاديـــــــــــــا
وفي النفس آلامٌ تُكدِّرُ عيشتــــــــــــي وتفضحُ سرا كان بالنفسِ خافيـــا
سكنتُ بأرضٍ قد عشقتُ وبي هـــوىً وقد شاقني منها شَعيبٌ وواديــــــــا
وأُبْتُ و ظل القلبُ فيها معلَّقَـــــــــــاً ألفتُ جزافا سهلها والبواديــــــــــــــــا
ونفسي أناختْ رَحلَها قرب ساحِـــــلٍ ورحْتُ وقلبي قد أناخَ ورائيــــــــــــــــا
ومذ ذاك عيني لا تنامُ كليلـــــــــــــة وعانيتُ جُرحا ما عرفت دوائيــــا
وتلك جفوني لا ينام بها الكــــــــرى وفي عبرة الاحداق يبدو جوابـيـــــا
وفي العين صار الدمعُ منها روافـــــدا بلى واعتراها الموجُ صعبا وعاتـيـــــــــا
فوالله ما آثرت يوما فراقَهَــــــــــــا ولا كنت في هجر الأحبة ساعيـــا
وكان مُحالا أن أهيم بغيرِهـــــــا ولو غرُبَتْ شمسِي بتلك الشَّواطيــا
أعاذلتي هل تعذليني بغربتـــــــــي اتحثين عمدا فوق جفني السَّوافيا
فإني قتيلُ الحب والشوق قاتــلٌ لأني رهينُ الوَجْدِ .. والمرُّ ساقيـــا
وسهمٌ رمى قلبي وحظِّيَ عاثــــــــرٌ أصابَ ضلوعي السهم والقلب حانيــــــا
ألا أيها العـُذَّالُ من لي بسامــعٍ لصوتِ ضميري .. أم تُطيلوا التَّجَافيـــا
فإن بات من أحببتُ ينأى بحبِّـــــــــهِ سيرفدُ بالدمع الغزيرِ المآقيـــــــــــــــــا
وإن جاش وجدي واستباح مضاجعـي وقد أَجْهشتْ مني الجفونُ بواكيــــــــــا
فيا موطنا في البعد راح يَشُوقُنِـــــــي يُبادلني الأشواقَ ، والحزنُ باقيــــــــا
إذا ما رويتُ اليومَ عذرا صَبابتــــــــي وأرسيتُ قلبي حين تبدو المراسيـا
نذرتُ بها غالٍ عليَّ يزورُهــــا ليبقى أسير العهد والعَهدُ غاليـــــــا
فكم ظمأتْ روحي لكأس أحبتـــــي فأروتْ فؤادي نَاقِعَ المرِّ صافيـــــــــــا
تَصَبَّرْتُ حتى ملني الصَّبرُ نفسُــــهُ فباتَ فؤادي لا يرى الصَّبرِ خاليــــــــــــا
ورحت بآمالي أبيت وخافقـــــــــــــي يذوب حنينا والقلوب خواليـــــــا
فإن راق غيري الفُحْشَ فالفُحشُ رِيبَةٌ كرهت حياتي فيك لو صِرتُ باغيـــــــــــا
وأحملُ آلامي وجُرحي وحَسْرتــــي وأمضي وراءَ الشوقِ ما ظلَّ ماضيــــا
دكتور محمد القصاص. الأردن