أقول......زمن الكورونا.........
كنا نسمع عن أزمانا كانت بالماضى..أزمان لم نقف عندها ،ولم نبالى بمعرفة شىء عنها..أزمان الطواعين..عندما يصيب الناس الطاعون ،ويحل ببلادهم وديارهم..لم نهتم لأمرهم..ولما نهتم،ونحن فى رخاء ورغدا من العيش..حتى مع تطلعاتنا التى تأخذنا لطلب المزيد والمزيد،والذى أصبح شغلنا الشاغل..فلم يعد لدينا ولو بعض الوقت لكى نقف قليلا مع نعم الله علينا..عسى نشكره مرة عليها نكون بها عنده من الشاكرين..لكن لأجل أن الدنيا لا تدع أحدا حتى تذيقه من كل كؤوسها..حدث ما لم يكن عندنا نحن فقط،فى الحسبان..لنعرف ما حدث فى أزمان الطاعون التى كانت بالماضى..نعرفها بكل دقه..وللأسف الشديد لم تكن تلك المعرفه التى تختص بالقراءه..لأن الجميع لم يعد له أدنى علاقه بها..اللهم إلا عندما تتعلق بالدنيا..لكن الصنف الذى كان منهوم العلم ومحبا له، قد إنقرض..بل وصار محل تعجب الجميع ،وكأنه فعل ما لا ينبغى فعله..لم تكن معرفتنا هذه بأية صوره نعرفها ،أو بمعنى أخر ،هذه الصور التى تقف عندها أفكارنا أومخاوفنا..كانت هذه المعرفه هى التى جعلتنا نحياها..نحياها نحن..فلا نقول عاش فلانا فى زمن الطاعون،أو مات فلان فى زمن الطاعون..لكن نقول ،عاش أو مات فى زمن الكورونا..وكما يقال ،تعددت الأسباب والموت واحدا..كذلك نقول ،تعددت الطواعين وهى واحده..وهى الخوف..الخوف من كل شىء..وأى شىء..حتى هذا الخوف ربما صرنا نخاف منه أن يأخذنا للهلاك ،بدلا من أخذه لنا إلى سبيل النجاه..نعم لم تتغير حياتنا كثيرا عما كنا عليه..فنحن دائما لا نرانا من ذوى نعمة الله..دوما نشتكى ..دائما نستحقر الذى عندنا..دائما نلتفت للذى فى يد غيرنا، والذى هو النعمة التى نرجوها..أما الذى فى أيدينا فليس كذلك..وهذه نظرة الجميع لحاله..ليكون السؤال أين نعمة الله ،والتى هو بها سبحانه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين..هى موجوده لكن فى كلماتنا التى لا تتجاوز حناجرنا..وكأننا نشعر بكذبنا فيها، فلم نستطيع أن نستسيغها لتدخل فى باطننا..ولا نلبث إلا أن نبصقها من أفواهنا..لتخرج وكأنها لم توجد..لكنها لن تمضى هكذا،حتى تكون بين يدى الله ..الله الذى لن يضعها عنده بمكان القبول لها..لأنه يرفضها..وكيف يقبلها بعدما نهانا عنها..الله قد أنعم نعمته علينا،فقط لنقول الحمد لله..الحمد لله..هل هذا طلبا كبير..إنظر معى لمن يعطيك أى شىء ،ما الذى يأخذه فى المقابل لعطائه..وربما ظللت مدانا له به طوال عمرك ،إن لم يكن هذا حال أبنائك وأحفادك أيضا..وهو لم يعطيك إلا هذا الشىء القليل،والذى زاد عن حاجته،وإلا لم يعطيك إياه..وذلك لأنك لن تكون أحب إليه من نفسه..بل ولم يكن معطيك شيئا إلا بعدما يوقن بأنه سيأخذ بدلا منه ما هو أضعافه..ومنهم من زاد وزاد على ذلك..حتى صار من حاله أن يحرقه بتعاطى المكيفات والمخدرات،وإلقائه تحت أقدام الراقصات..أو يجعله للكلاب،فيشترى لها أفخر الطعام، ولا مانع من أن يقيم لها حفل زواج وعيد ميلاد..كل ذلك وغيره، هو الأفضل عنده من أن يعطى الفقير والمحتاج..حتى وإن أعطاهم، فيكفيهم منه الجنيه الواحد طوال العام،لحين يأتى شهر رمضان..هذا الشهر الذى سيزيد فيه على الجنيه ما قاله المفتى فى مقدار الزكاه..فيخرجها كما قال المفتى دونما يزيد مليما واحدا..وكأنه يقول لله،هذا حقك عندى فلا تطالبنى بالزياده..وإنى لسائله ،هل يعاملك الله هذه المعامله..بالطبع ،لا..فهو يزيدك ويزيدك..بل ويعطيك ما يفوق كل حساباتك..وذلك بعلمه الذى يختار لك الخير الذى يكفيك حياتك الدنيا وحياة الأخره..ولم يطلب منك هذا الذى طلبه من أعطاك شيئا فى وقتا سيمضى ليصبح عطائه لك بلا وجود..لكن الله أعطاك هذا الذى يلازمك دائما..مثل النهر الذى لو لم تصله زيادة الماء لجف..ولم يطلب منك فى المقابل لهذا ،سوى أن تقول الحمد لله ..ناطقا بها جوارحك..ولما لا تنطق جوارحك كلها وقد غذيت بنعمة الله عليك..فماذا يكون من الله عندما ينسوا شكره..بل ويكتفوا بنسبة النعمة إليهم ..فهم من تعبوا ،وهم من إجتهدوا حتى حصلوا عليها..ماذا يكون من الله ..لا يكون من الله إلا هذا الذى يوافق حسن ظننا به،مع الظن به سبحانه عند حسن ظننا هذا بأنه أكبر وأعظم..فلا يتركنا نهلك أنفسنا،حتى وإن رضينا هذا الهلاك..وليس ذلك الهلاك فقط بغضبه ،والذى سنستحقه لا محاله جزاء فعالنا..ولكن أيضا لأجل ما سيكون نتاج هذه الأفعال وأثارها..هذه التى جعلتنا فى هذا الحال الذى يحيا فيه كلا منا وحده..فلا يهمه من حوله..وحده..فلا يحزن لحزن من حوله..ولا يفرح لفرحهم..مستغنيا بما لديه من نعمة الله..ولأنه سبحانه من أنعمها علينا..فله وحده الحق فى الحجر علينا، عندما نكون فيها من السفهاء..لتكون الكورونا..ولنحرم مما قال فيه متحدثا بنعمته على قبيلة قريش،الذى أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف..ولا يعنينا من كان السبب فى الكورونا،أو متى حدثت..لأنها حدثت وإنتهى الأمر..لا، فلم ينتهى الأمر بعد..لأننا سنكون فى هذا الحال الذى إخترناه..لكن تلك المره بدون إختيارنا..سيكون رغما عنا..فنحن نريد أن يحيا كلا منا وحده..لك ذلك..فلنحيا كلا منا وحده، ورغما عنه..وإذا لم يفعل فسيصيبه كورونا الموت..بل وسيفر عنه هذا الذى يريد الإقتراب منه إن فعل ،خوفا منه على نفسه..ولك أن تحيا حياتك التى تحبها..هذه الحياه التى ستأخذك صدمتك بها قليلا، فلا تستطيع التعامل مع هذه المحنه هذه المعاملة التى يتوجب عليك تعاملك بها..لكن عندما ستقترب منك الكورونا شيئا فشىء..حتى تقتطف أرواح أناسا حولك ،أناس تعرفهم..ستخاف..وستشعر بالذى كان جزاءك لمن إحتاجك لتساعده،والجزاء من جنس العمل..فلم تساعده ،ولو كإنسانا مثلك،لا أقول مسلما مثلك..ستكون وحدك،ولن يساعدك أحد..ولن تمتد يدا إليك..لأن صاحب هذه اليد سيخاف عليها من أن تلمسك فترجع إليه بالموت..ولن أقول الغلاء، وضيق اليد والمعيشه..وإنما سأقول نظرتك لأهلك..هذه النظره التى ستراهم فيها ..ستنظر إليهم وأنت لا تعلم ماذا تفعل لهم ،كى تمنع عنهم هذا الموت الذى لا يعجزه القوى بقوته،ولا يقف عند الغنى لأجل غناه..لا تعرف حتى من فيكما سيرحل مع الكورونا،ومن سيبقى بعدها..وكيف لك بفعل ما لا تستطيع فعله لنفسك أنت..حتى وإن كانوا أحب إليك من نفسك..لكن هذا اليوم ، مثل اليوم الذى لا ينفع فيه مالا ولا ولد..إلا من أتى الله بقلب سليم..فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا..بل وأقول عند إصابتك به..وجلوسك وحدك ..فى غرفه لا يدخل إليك فيها أحدا..ويكون مالك ،وولدك بخارج هذه الغرفه..بالخارج ،بينك وبينهم باب..وهم يخافون أن يدخلوا إليك..لأنك الموت..وحتى بعد موتك..إنظر لهذه الصورة البشعه التى تدفن فيها،والطريقه التى تشيع بها إلى قبرك ..هذا إذا قبل أهلك إستلام جثتك بعد موتك..جاء فى مسلسل الوتد،هذه اللقطه..الحاجه فاطمه تعلبه تدخل جميع أولادها إلى البيت ،ثم تقوم بغلق الأبواب والنوافذ كلها بالخشب والمسامير..وتقول بأنه لن يخرج أحدا إلا بعد إنتهاء أيام الكورونا..أسف،أيام الكوليرا،وإن كان كلاهما بلاء شديد حل بأناسا ذنوبهم أكثر،والله يعفو عن كثير..ترى لو لم يعفو عن هذا الكثير ،وعاقبنا على جميع ذنوبنا..ماذا سيكون قدر هذا العقاب،إن كان ما نحن فيه عقابا للقليل فقط..المهم ،وتنتهى هذه الأيام..وتفتح الأبواب ..وتخرج هى وأولادها ،لتجد نصف البلده قد مات، فيقيموا عزاء مجمع..من إفطار مجمع..وزواج مجمع ..إلى عزاء مجمع..أنا لا أخيفكم بهذا..لكنى أسألكم به،هل تستطيعون مثلهم البقاء فى المنزل..الإجابه صعبه، وهى لا..فقد إعتدنا الخروج والدخول ،صغارا وكبارا،لسبب وبدون سبب..وكأنه يجب علينا الخروج من البيت فقط..ولم يمنعنا شىء عن هذا..رغم أن أحد السلف الصالح رضى الله عنهم كتب على بيته،فلولا إذ دخل جنته..لم تمتنع عن الخروج ،فضلا عن متطلبات الحياه ،والتى تستوجب طلب الرزق..حتى وإن صار طلب الرزق ألان مخاطره تودى بالموت المحقق ،وكأنه أهون من الجوع المحقق..أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف..وإن ما أقوله هذا يخيف أكثر مما ذكرت..لأن الحاجه فاطمه وأولادها كانوا معا ،معا يتصابرون بقربهم من بعضهم البعض حتى تمر أيام البلاء..لكننا فى هذه الأيام ،لا نجاة لنا سوى بأن يكون كلا منا وحده، دون أى ضمان للنجاه..وحده بعيدا حتى عمن يحبه..هذا الذى إخترناه، وإن أصبح رغما عنا..وهذا ما نكون فيه ،دونما نعرف متى ينتهى..وسيأتى اليوم الذى سيؤرخ فيه التاريخ لهذه الفتره بأنها زمن الكورونا..والله وحده الذى يعلم من الذى سيقرأه..وهو وحده الذى يعلم من هذا الذى ستقرأ عنه..أعين تواقه أبو أدم العبد.........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق