أسعد الله أوقاتكم معشر الصديقات والأصدقاء
حينما تُصبحُ الكتابةُ المُتنفّس الوحيدَ في مُجتَمعٍ لا يقْراُ يضْطربُ التّفكيرُ فَتتمرّدُ المُفردات والألْفاظُ على الأقْلامِ.أَلمْ تَرَ كيفَ فعلَ الهُبوطُ إلى الحضيضِ بأمّةٍ فَضّلَ أهلُها الجهل على العلم والإنْحطاطَ على التّقدمِ والفسادَ على الصّلاح..فَرّطتْ في الكِتابِ واسْتَبْدَلتْهُ بالقيلِ والقال والكَذبِ في الأقوالِ.صغيرُهمْ لمْ يَعُدْ يَحْترِمُ الكبيرَ فيهم وأغْنِياؤهم لا يلْتفِتونَ لفقرائهمْ.يقرأون القُرْآنَ وأذهانُهمْ عنِ الفقهِ غافلةٌ وَكأنّما جُعِلَ في آذانِهِمْ وَقْرٌ.
لمْ أر أُمّةً تشتّتَ شَمْلُها وتمزّقتْ أوصالها وانحطّت ثقافتها ومعارفُها وتشرّد أولادُها وأحفادها مثلما جرتِ الأقدارُ بِهِ في أُمّتنا.قُضاتُنا لصوصٌ وحُكّامنا من نسْلِ النُّمرود.وشعوبُنا رضعت ما يكْفيها من الهوانِ والمَذَلّة والإحْتقار.وفي هذا السّياقِ كَثُرَ الخبثُ والخُبثاء ولمْ يعُدْ للقيمِ والأخلاق الحميدةِ والصّدق محَلٌّ من الإعْراب في ظلّ تَفشٍّ جارفٍ لقيمٍ وعاداتٍ مُهلكة.ونتيجة لذلك أصبحنا اليوم كالأيتام بسبب تفريطنا في حضارتنا وإفراطنا في لا مبالاتنا.وهذه القصيدة صرخة من شاعر متمرد .
ماذا أَقــولُ وَ أَحْـرُفي تَــتَــأَلَّــمُ
سَأَظَلُّ عَنْكِ بِما أُفَــــــــــكِّـــرُ أَكْتُبُ***وَبِحُرْقَــــتي منْ حَـسْـــــرَتي أَتَعَــــذَّــبُ
طَوْرا أُقاوِمُ بِالحُـــروفِ وتـــــارَةً***أَرْجو الرَّحيمَ وَبِالـــــتَّــــوَسُّــلِ أَطْــــلُـبُ
إذْ لا أَزالُ بِما أُفَــــكِّــــــــــرُ حائِراً***في أَحْرُفٍ عَـــنْ مَنْطِـــــقي تَـتَــــهَــرَّبُ
جادتْ يَدايَ بِما أَبوحُ وَلَيْـــتَـــــــني***بِالنَّظْمِ مِنْ وَجَــــعِ الهَـــــوى أَتَطَــــبَّــبُ
واحَرَّ قَلْبي مِنْ سَعيرِ تَعاسَــــــــتي***مازِلْتُ فَــــوْقَ لَهـــــــيـــــبِها أَتَــقَـــــلَّـبُ
////
ماذا أَقولُ وَأَحْرُفي تَتَــأَلَّــــــمُ***وَالمُــــفْـــــــرَداتُ بِمَنْــــــــــطِقي تَـتَـــــحَكَّـــمُ؟
لَمْ أَدْرِ كَيْفَ أُعيدُ نَبْــــــــــــــرَتَها لها***وَهِيَ الَّتي بِـــبَــيانِها أَتَكَــــــــــــــلَّــــمُ
صَفْراءُ مِنْ كُتُبِ الأَوائلِ قَدْ أَتَــــــــتْ***تَهْدي العُقولِ بِسَــــــهْـــلِها وَتُعَـــلِّـــمُ
وَبِها الفَصاحَةُ في اللِّـــــــسانِ صَريحَةٌ***تَحْيا بِأَغْراضِ البيـــــــانِ فَتُـلْـهِـــمُ
مُلْتَــفَّــــــــــةٌ حَوْلَ الهِلالِ بِنورِها***دَوْماً يُرَتِّلُها اللِّـــسانُ المُــــــــــــسْـــلِـــمُ
////
أَهْلي بِضائِقَةِ الظُّروفِ تَعَلَّــــــــلوا***وَبِجَهْلِ مُنْطَلَقِ الطَّريـــــــقِ تَضَــلَّـــلوا
إذْ جَمَّعوا الأَضدادَ وِفْــــــــقَ ضَلالَةً***ظَلَّتْ بِها خُطَبُ الرِّعاعِ تُـــــــوَلْـــوِلُ
حَتَّى غَدَتْ بِوَباءِ لَغْوٍ عاجِـــــــــــزٍ***لَمَّا اسْــــتَــبَـــدَّ بِها الرُّعاةُ الجُــــهَّــــلُ
قِيَمٌ مُلَـــفَّـــقَةٌ وفَهْـــــمٌ ساقِــــــــــــطٌ***وَبَلادَةٌ عَــــنْ سِــــــــــرِّها أَتَــــساءَلُ
صَدَقَ الفَرَزْدَقُ والحُطَيْئةُ حيــــــنَما***قالا بِأَنَّ المَـــــخْصِيــــينَ تَرَجَّـــــلوا
////
يا وَيْحَ قَوْمي بِالخُنوعِ تَشَبَّـــــــــعوا***وَبَدواعلى عرْشِ الغَباءِ تَرَبَّــــــعوا
وَصَلَتْ إلَيْهِمْ بِالتَّعاسَةِ نَكْــــــــــسَةٌ***وَغَدَتْ تَصيحُ بِهمْ أَلا مَنْ يَصْفَـــــــعُ
لَمْ يُرْضِ قَلْبي ما أَراهُ بِأُمَّــــــــــتي***عَيْشٌ لهُ مِنْ كُلِّ بُــــــؤْسٍ بُرْقُـــــــعُ
إِذْ تِلْكَ أَتْعَسُ حِقْبَةٍ نَجْــــــــــــتازُها***تَحْتَ الهَوانِ وَلا سُيـــوفٌ تَــلْـــــمَعُ
فَاليَوْمَ حَقَّ لِكُلِّ سَهْمٍ طائِـــــــــــــشٍ***مِنْ أنْ يُصابَ بِهِ الخَصِيُّ الأَوْكَــعُ
////
غَيْري تَخَلَّى في الأُصولِ عَنِ النَّسَبْ***طَوْعاً كَما فَعَلَ الكََثيرُ مِنَ العَرَبْ
تَعِسَ اللَّئيمُ وَساءَ ما يَأْتــــــــــــي به***إنَّ اللَّئيمَ إلى الثَّعالِبِ يُنْتَــــــــــسَبْ
وَعلى الزَّمانِ بَكى المَكانُ بِأُمَّتي***حَيْثُ الجَرائِمُ في المَحارِمِ تُرْتَكَـــــــبْ
وَكَأَنَّما حِلْفُ الرَّذيلَـــــــــةِ جاءَنا***بِالمُنْكَراتِ مِنَ الفِعالِ وَبِالغَــــــضَبْ
تَبّاً لنا مِنْ أُمَّةٍ مَهْـــــــــــــزومَةٍ***فيها ابْـنُ آدَمَ قَــــدْ أَســـــاءَ إلى الأَدَبْ
////
يا مَنْ تُفَكِّرُ في صِفاتِ حَبـــيبِها***وَتُريدُ فَحْلاً أَنْ يَفوزَ بِحُــــــــــــــبِّها
تَطْفو وَتَرْسُبُ في بِحارِ غَرامِها***والعِشْقُ زادَ طُفُوَّها بِرُســــــــوبِـها
أَوَما ترى الأَزْهارَ ما منْ زَهْرَةٍ***إلاَّ وَقَدْ يَنِعَتْ بِظَهْرِ قَضيــــــــــبِها
وَالطَّيْرُ قَدْ نَطَقَتْ على أَفْنانِها***فرَوَتْ فُـــــنونَ الشَّــــدْوِ منْ تَصْويبِها
تَشْدو فَتَهْتَزُّ القُلوبُ كَأَنَّمــــــا***نَبَضاتُها رَقْــــصٌ على تَطْــــــــريبِها
محمد الدبلي الفاطمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق