السبت، 2 يناير 2021

كاتب القصة: عبده داود

 الجبل البعيد

الحلقة 10

فرحة الجميع بالطفلة سوريا (أرجو ملاحظة اسم البنت سوريا بالألف الممدودة، بينما الدولة سورية بالتاء المربوطة) 

أفراح كمال ونينا وحتى جديها في حفيدتهم سوريا وصلت إلى أعالي السماء.

عندما تبكي سوريا، الجميع يركضون، ما بها سوريا، لماذا تبكي سوريا؟ ربما هي جائعة، ربما هي ممغوصة بطنها تألمها، هل نأخذها إلى الطبيب، لكن بعد إجراءات عادية مثل حمام تحت الماء الدافئ، أو ارضاعها، تسكت سوريا وتنام، عندها الجميع يحيطون بسريرها يراقبونها ويمجدون الخالق واهب الحياة... الذي وهبهم هذا الملاك الذي ملأ دنياهم. وجميعهم يصورون ملاكهم بموبيلاتهم، وكمرات التصوير... 

كانت أجمل اللحظات، عندما سوريا ترضع من ثدي أمها بنهم، كانت العائلة ترقص من الفرح... 

  تقول جدتها حليب الأم هو الحليب الذي وهبه الله للخلائق وهو الحاوي على البلسم الشافي والواقي من أغلب الأمراض، والملفت بأن الأمهات اللواتي يطلبن أجراء العمليات القيصرية تهرباً من ألم المخاض، تحرمهن الطبيعة من نعمة الارضاع، ولا تدر أثداؤهن الحليب الكافي لإشباع اطفالهن حتى يكسبون مناعات تقيهم من أمراض عديدة. 

مشكلة  حليب العلب الصناعي، لا فائدة مرجوة منه، مهما طبعوا وصوروا على سطح العلبة،  ومدحوا وبالغوا  في حشو البودرة  البيضاء من مجموعات الفيتامينات المركزة، لكنها تبقى مجرد أغذية  عاجزة تماماً عن مجاراة حليب الأم. 

يعيش الأطفال  على الحليب الصناعي دون أن يكتسبوا المناعات التي يكتسبوها من حليب الأمهات. 

كان  جميع أفراد العائلة  يصورون الطفلة سوريا، عند كل حركة تقوم بها سوريا، كمال كان  يرسل الصور إلى أهله، في سورية اللذان كانا  يعيشان فرحاً لا مثيل له، وخاصة عندما صارت سوريا تضحك وتلعب و(تناغي) وتصدر اصواتاً تملأ قلوب الجميع فرحة ما بعدها فرحة...لكنها في الوقت ذاته كانت تزعج والدها ولا تترك له المجال في الدراسة.

ابوها كان يبذل مجهوداً كبيرا في المطالعة والبحث، يتعمق في البحوث ويمكث طويلاً في مكتبة الجامعة، وأنشأ صداقات مع مثقفين مهتمين بدراسة التاريخ المسيحي في منطقة الشرق الأوسط وخاصة قبل الميلاد وبعد الميلاد...كان مرجعاً لأصدقائه للثقافة الواسعة التي اكتسبها كمال نتيجة مطالعاته المركزة حول الموضوع، جعل المهتمين بالموضوع يرغبون في لقاء كمال ومحادثته والاكتساب من معرفته وثقافته...

سعاد كانت تأتي هي وعريسها لزيارة خالتها، لأن زوج خالتها كان يحب اللعب  في طاولة الزهر، وكذلك خطيب سعاد، وتدور مباريات حامية الوطيس بين اللاعبين.

سعاد كانت تجلس مع خالتها تحتسي القهوة، أو المته  والمته هذه  هي عشبة مطحونة، تعرفنا عليها في سورية بعدما هاجر أهلنا الى الأرجنتين في الخمسينات طلباً لتحسين أوضاعهم الاقتصادية.

مشكلة سعاد، كانت تخفي حبها الى كمال الذي عاش في قلبها سنوات عمرها، ولا تزال تحبه وتحاول أن تسرق اخباره من أمه، وكانت أم كمال تفتح لها الموبايل لتريها صورة الطفلة، وكانت سعاد تقبل 

الصور عندما يظهر كمال فيها...

أم كمال كانت تلاحظ الأمر لكنها كانت تتجاهل الأمر، وتلتزم بالصمت...

كانت سعاد تلوم ذاتها وتعتبر حبها الى أبن خالتها كمال، خيانة خطيبها فادي، لكن الأمور لم تكن بيدها، كانت تحاول صادقة أن تكون مخلصة بعواطفها الى خطيبها، لكن الأمور كانت فوق طاقتها.

فادي أستاذ مثقف وقد تفهم قصة حب خطيبته إلى صديقه كمال، ولكن بعدما كمال هاجر إلى الدانمارك وتزوج هناك اقنع ذاته بأن حب سعاد الى كمال لا بد له يسير إلى اللاحب أو إلى النسيان...

سعاد وفادي كانا يستعدان للزواج، فادي استحق شقة سكنية من جمعية المعلمين السكنية، وكان يذهب هو وسعاد لشراء مفروشات إلى تلك الشقة، وكان فادي يقول: البيت لك يا سعاد اختاري أنت المفروشات التي تحبينها، أنت سيدة قلبي، وملكة حياتي وبيتنا. 

تلك المعاملة اللطيفة من فادي، جعلت سعاد تحترمه وتحاول أن تحبه لكن قلبها كان عدواً لها لا يستسلم، كمال سيبقى حبها الوحيد إلى الأبد...

جاء اليوم الصعب، بينما كان فادي يلعب الطاولة مع زوج خالة سعاد، فجأة أصابه ألم حاد في صدره وهو يضع يده على قلبه، فادي فهم بأنها آلام جلطة حادة، أخذه بالحال إلى مستشفى القلمون، ولكنه لم يصل الى المستشفى، وغادر هذه الدنيا الفانية للعالم الآخر. 

  أخبروا كمال، عن وفاة أبيه المفاجئ، فركب أول طائرة هو وأبو نينا وجاءا  الى سورية.

كاتب القصة: عبده داود

إلى اللقاء بالحلقة 11

تجدون الحلقات السابقة في (مجموعة رواياتي)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

طفلة الشوق

 ( طفلة الشوق )) ومن النساء أنت  طفلة تخطفني إلى عالمها تتقلب ما بين صدري وقلبي ترسم بيديها قبلة فوق جسدي ونار الحب تحرقني تغازلني تعانقني  ...