الأربعاء، 12 مايو 2021

يوميات مضيفة طيران
باريس   
الجزء 17

الح لويس على هدى أن تذهب معهم الى باريس، لكن هدى اعتذرت بشدة لأسباب مختلفة اختلقتها، والحقيقة السبب الرئيسي لا تريد أن تكلف صهرها مصاريف لا مبرر لها... ولا تريد أن تترك الأولاد فترة طويلة، وفعلا هدى أحبت أولاد لويس وصارت تشتاق لهم وتحب أن تقضي  معهم معظم أوقاتها... 
لويس أحضر معه ابنه جورج، لأنه كان يشعر بآلام ابنه التي يحبسها في قلبه اشتياقاً لوالدته المرحومة... 
فكرت سحر أن  تغتنم الفرصة وتتقرب من جورج  طالما سيكون معهم  لمدة خمسة عشر يوماً... ربما هذه المحاولة اليائسة قد تساعد في ابعاد شبح جورجيت من فكر لويس.
جاءت دلع تدفع العربة،  محبة سحر وتواضعها منعاها من ان تترك زميلاتها دون مساعدة على متن الطائرة، لذلك قامت وارتدت ثياب مضيفة الطيران، وأخذت تساعد المضيفات رغم ممانعتهم الشديدة لذلك، بذات الوقت  كانت ترغب أن تسعد جورج، وتكسب قلبه، ادخلته على غرفة الكابتن سليم، وكم أفرحته هذه الزيارة...  
كذلك الذي اسعد جورج هي  سحر المضيفة التي تحضر امامه عربة مليئة بالعصائر والحلويات التي يحبها...
سحر تشبه العروس التي تغرق، وقد استسلمت للمصير البائس...وقالت هذه مشيئة الله لا مشيئتي... 
في باريس، طلبت سحر بأن يقيم  جورج معها في غرفتها، فهم لويس سحر وايدها في رغبتها...
في الحقيقة، جورج أحب سحر التي تحكي له القصص، وتحادثه باللغة الفرنسية...وتطلب له المأكولات التي يحبها...
لويس يعرف باريس جيداً، وقد زارها مرات عديدة هو وجورجيت، استأجر سيارة فخمة لتكون تحت تصرفهم حيث يذهبون... رغم صعوبة إيجاد موقف للسيارة حيث يمرون  لكن من الأصعب التنقل هنا وهناك بدون سيارة، وهم جاؤوا أصلاً  ليتبضعوا  جهاز عروس وتواصي  أخرى للجميع،  ومن الصعوبة بمكان انتظار سيارات الأجرة  في الشوارع في أواخر شهر كانون الثاني البارد جداً في باريس...
لم تكن سحر تشتري أي شيء، فقط كانت تدور في الأسواق، وتشاهد المعروضات وتقول سنشتري أغراضنا بعدما نعاين  النوعيات ونعرف الأسعار...لم تكن تعنيها أسماء الماركات العالمية البراقة، التي كانت المرحومة تحبها وتتعامل معها كما كان يقول لويس...
 كانت سحر  تبحث عن الجمال البسيط والاسعار المعقولة والأقمشة المتينة...كانت تقول أنا اشتري رداء، لا يهمني أسم دار الأزياء ...
بعد الظهر كانوا يزورون الأماكن المشهورة في باريس، 
ومنها متحف اللوفر... قال الدليل بان متحف اللوفر هو أكبر متحف للوحات في الارض، يضم بين جدرانه أكثر من مليون لوحة...وهذا المتحف هو قبلة الفنانين وعشاق الفن في العالم...
  سحر قرأت عنه الكثير اثناء دراستها الجامعية، هذا جعلها تتمتع برؤية لوحات قرأت عنها، واليوم تعاينها فعلاً... كانت تشرح سر جمال  تلك اللوحات، وتركز على افهام  جورج اسرار روعة تلك الرسومات وخاصة  المشهورة منها...
لويس ازداد اعجابه بسحر بثقافتها  الواسعة بتاريخ الفن وفهمها لسبر معاني اللوحات الفنية، وتفهمها أسرار جمالها، وأسباب  شهرة تلك اللوحات...
قال لويس، صحيح أنا وجورجيت زرنا هذا المتحف مرات، لكن لم يشرح لي أحد بإسهاب كما أنت تفعلين، والذين يشرحون لم أكن أفهم منهم  جيداً الذي يقولونه بسبب اللغة، كما أفهم منك الآن، اليوم انت تعوضين عليّ ما فاتني   يا أجمل مضيفة طيران، و يا أشطر  دليل... قالت سحر بسرها الحمد لله  اليوم لويس وجد فيً شيئاً لم يجده في المرحومة...تلك كلمات الغزل الناعمة الجميلة التي يقولها لويس لها، كانت عطر يبعث فيها الحياة... وكانت تقول: ربماً  يوما ما سيحبنا  لويس  سوية الجسد والروح...
الذي أعجب سحر كثيراً هو ذكاء جورج وتقبله لفهم  المعلومات التي كانت  تشرحها  له...
 يوم الأحد، طلبت سحر زيارة كنيسة نوتردام، وحضور القداس فيها، وهذه الكنيسة  من أشهر كنائس العالم... وتذكرت كلام ابونا ميشيل الذي قال بانه سيحملهما  رسالة الى ابونا جاك، وكم خجلت من نفسها لأنها نسيت الأمر...
سألوا عن الكاهن جاك، ولما عرف بانهم من سورية، ومن قبل ابونا ميشيل  استقبلهم بحرارة حميمة  وسألهم عن أحوال صديقه، وقال ابونا ميشيل من أعز أصدقائي خدمنا سوية في لبنان، وأنا تعلمت بعض العربية هناك... 
  قالت سحر ابونا ميشيل هو مرشدنا الروحي أنا وخطيبي...
تساءل الأب جاك تقولين خطيبك، إذن من يكون جورج هذا؟ 
رد جورج بالفرنسية الصحيحة، والدتي توفت، وهذه مضيفة الطيران سحر ستكون زوجة ابي...
انبهر الخوري بالفتى الذي يتكلم بلغة فرنسية متقنة وجميلة، سأل ابونا جاك جورج، أين تعلمت اللغة الفرنسية؟ أكيد امك كانت فرنسية؟
أجاب جورج: الراهبات هن اللواتي يعلمونا...
قال الخوري، ما أروع الانسان الذي يتكلم عدة لغات، فيسهل عليه التواصل مع الجميع... 
أخرجت  سحر موبايلها وطلبت الأبونا ميشيل، وتكلم الكاهنان الصديقان مطولا مع بعضهما البعض... 
سأل  الخوري جاك، هل زرتم برج ايفل؟ قالت سحر لا لم نزره بعد، لكن ربما غداً...
قال الخوري، أنتم غداً في ضيافتي هنا في الكنيسة، وبعد الصلاة الصباحية في الثامنة، سنذهب الى برج ايفل ونتناول وجبة الغذاء هناك، وتتمتعون بجمال باريس من علو شاهق...
برج ايفل تحفة فريدة  في العالم بتصميمه وبجماله، لا أحد يقدم الى باريس ولا يزور هذا الصرح الجميل، الذي أضحى رمزاً لفرنسا...
حاول لويس الاعتذار، لكن الخوري الفرنسي الح عليهم  وقال هل تريدون  أن يزعل مني ابونا ميشيل كاهنكم...ويعرف بأنني تعرفت عليكم، ولم اقم بواجبي تجاهكم...اذا رفضتم دعوتي  سأخبره ألا يكللكما...
قال لويس: في هذه الحالة سنكون عندك قبل شروق الشمس...
قال ابونا جاك: وأنتم سوف تتذوقون  أطيب  أنواع الاجبان التي نحن نصنعها  من حليب  ابقار مزارعنا... وقام  الأب جاك وأحضر زجاجتين نبيذ من نوع  (روزيه) وقال هذا النبيذ من عنب كرومنا،  ونحن أيضاً من يصنعه... والنبيذ  الفرنسي هو أشهر الخمور في العالم.
فتح الزجاجة، وسكب في الكؤوس، وقال سأحملكم الزجاجة الثانية، هدية الى الاب ميشيل...وأنا لن اتناول فطوري غداً قبل حضوركم...وبعدها نذهب  للتجول في باريس والى برج ايفل...
في اليوم التالي بعد الفطور الشهي، سأل أبونا جاك بما أن  الجو لطيف اليوم، ما رأيكم نزور أجمل حدائق باريس...
زاروا حديقة الشانزيليزيه وبعدها ذهبوا الى برج ايفل  وصعدوا الى المطعم العالي، قال الأبونا جاك: كان هذا البرج هو ألأعلى في العالم لذلك نال شهرته الواسعة، واليوم انتم  سبقتمونا شيدتم أعلى برج في العالم قاطبة في دبي...
سأل الأب جاك عن  سبب زيارة العرسان  الى فرنسا  في فصل البرد، قال لويس جئنا لنشتري جهاز العروس  إلى سحر سوف نتكلل في الشهر القادم.
قال ابونا جاك، حسننا أخبرتموني سوف اذهب  معكم غدا صباحا ارشدكم  الى دور أزياء في احياء  مغمورة...  
بعد وجبة  الغذاء  في برج أيفل قال  لويس دعونا نحضر فلماً فرنسياً... 
قالت سحر لنجد فلما للمخرج الفرنسي غودار. 
 بعدما استمتت سحر بفلم غودار قال لويس  ما رأيكم  حضور استعراضا كانت جورجيت تحبه...
قالت سحر: أنا متعبة. 

كاتب الرواية: عبده داود
الى اللقاء في الحلقة 18
ارجو من الراغبين قراءة حلقات سابقة، ستجدونها في مجموعة:
(يوميات مضيفة طيران)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

طفلة الشوق

 ( طفلة الشوق )) ومن النساء أنت  طفلة تخطفني إلى عالمها تتقلب ما بين صدري وقلبي ترسم بيديها قبلة فوق جسدي ونار الحب تحرقني تغازلني تعانقني  ...