إنتظار
و قال إنتظرتُ بغير كلام
سنينا طويلة بين الأنام
و انتِ هناك وسط الجميع
فلا انتِ رُحْتِ ولا قلبي نام
لماذا هجرْتِ مثل الحمام
و ألقيت نفسي بغير السلام
فعند المحطة سنينا هناك
بأزهاري كنت بأسري أنام
و كانت سنيني تموت تهان
لتصرخُ عودي لذاك الحطام
و لكن رحلتِ بغير نظام
و سرت و غبتِ فعاث الزحام
و عند المحطة سنينا هناك
و ناري قوية و موتي يُقَام
لماذا رحلْتِ لماذا أُضام
وأشْرَخْتِ شيئا عزيز الِفئام
فقلت وكلي نجوم حزينة
أكُنْتَ جمودا أكُنْتَ رُخام
و هل من غبائي إذا الكل نام
فكنتُ أسيحُ بوقت الختام
لأبحث بين. رفات. السنين
و لكن أقول نساها السقام
وراح بعيدا لخلف الخيام
و ألقاه قلبي كسير اللحام
و لكن جفائي و نزغ عيوني
فلولا تؤشر عند المقام
و صوت بقلبي يقول تعالي
لأَلْمِسْهُ شيئا بقدر المسام
يعَانِقْهُ ريح خفيف عفيف
يُطيَِرُ فحوى إنفلاق التمام
و سرت كل طريق طويل
و غير المحطة ما رحت أُرام
فلولاكَ كنت بغيم بعيد
لكنت شعاع يشدَّ إعتزام
و لمّا ينادي هزيع الرجوع
و جدتُ المحطة قفارا هدام
تعَرَتْ و ماتت و مات الكلام
عرفْتُ بأنَّ الفراق لزام
و جدت خريفا بقايا جسام
و جدت سوادا يغَطي الرخام
أما كنت تعلم بأني خُلِقت
بطينٍ ترابٍ يجِفُ يُقام
و فيَّة بقدر الوجود العليل
فقدرْ جروحي وحزن الغمام
فمن مناَّ أخطأ و من منَّا هام
فقل لي وأقسم بشهر الصيام
فلا عِندي وِجدٌ يعود هناك
و لا عندي دولة بقوة تُقام
رحَلْتَ تركْتَ فلا تعتريني
ضعيفة فكُل خيالي لثام
فما بين نفسي جروحي حروبي
قبائلُ تغزو بكلِّ الصرام
و لمَّا مددتُ يديَّ هناك
فطار الرماد و بانت سهام
سراب كبير رياح ضخام
و صوت بعيد صرير الكلام
تأخَرْتِ انت فذاك حُطام
و لستُ مناكِ ولستُ الشيام
فكل و جودي هو انتظار ٌ
و كل سنيني غدت كالمنام
عبدلي فتيحة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق