الأحد، 11 أبريل 2021

.. أخطاء بريئة لكنها محرجة............عبده داود

 أخطاء بريئة لكنها محرجة.

نيسان 2021

قررت المعلمات رحلة في القطار إلى الزبداني في يوم عطلة، اتفقن التواجد في محطة الانطلاق قبيل الساعة السابعة صباحا للمغادرة بالرحلة الأولى من دمشق إلى الزبداني ومنها إلى منابع نهر بردى، رغبة بالتمتع بنسمات الربيع الدافئة، والعيش في الطبيعة  مع الزهور والحشائش وشقائق النعمان الحمراء. 

بالفعل الرحلة إلى وادي بردى في القطار، عبر بساتين الغوطة وبين الاشجار الباسقة رحلة ممتعة تعيد البسمة لحياتنا المتعبة.

 ضجيج الأطفال مع أهاليهم، دردشات الناس في (الترين) وأصوات ضحكاتهن وموسيقى أصوات صافرات القطار... جميعها حكايات مسلية مرحة.

في الزبداني رتبت المعلمات جلستهن فوق الحشائش تحت أشجار تفاح الزبداني الشهير، قرب نبع بردى وبدأن بتحضير القهوة وهن يستمتعن بزقزقة العصافير والطيور المتنوعة 

 الذي أمتعهن حقا هو شرب الماء العذب مباشرة اثناء خروجه من جوف الأرض، ومشاهدة الحصى بألوانه الزاهية الجميلة في قاع النهر والسمك الصغير الملون، يرسم لوحات حقيقة من الجمال التي ابدعتها ريشة الخالق. 

 الذي يعاين تلك الاجواء يسبح الله تلقائياً، ويتساءل إذا كان هذا المكان جنة من جنات الله على الأرض... 

 أمضت المعلمات الوقت ضحكات وأحاديث ونكت ومشروبات ساخنة وباردة ومكسرات حتى الظهيرة...

اشتركت جميع المعلمات في تهيئة اعداد طعام الغذاء، معلمات يصنعن التبولة والفتوش، ومعلمات يعملن في جمع الأخشاب الجافة حتى يشعلنها لتصبح جمراً يشوين اللحومات عليها.

بالفعل كانت وجبة غذاء شهية بامتياز.... جميعهن أوقفن (الريجيم الغذائي) وأكلن بنهم حقيقي وشهية عجيبة.

بعد الغذاء، قالت المديرة، من أرادت التسوق او مشاهدة المدينة لتذهب، لكن ليكن تواجدكن في المحطة قبل الساعة الخامسة موعد عودة القطار إلى دمشق.

جميع المعلمات تواجدن في الموعد عدا المعلمة سمر.

تأخرت، صارت الساعة الخامسة وأخذ القطار يصفر معلناَ التحرك، لكن سمر لم تحضر...هاتف جوال سمر لا يرد.

القلق أخذ مأخذه عند المعلمات، رجون قائد المحطة بتأخير الرحلة قليلاً، وتحت الحاح شديد ورجاء المعلمات، تأخرت الرحلة عشر دقائق. لكن سمر لم تأتي.

تحرك القطار، صعدت المعلمات الواجمات المكدرات، عدا المديرة قررت البقاء والبحث عن المعلمة الغائبة، 

المديرة حجزت في فندق المدينة، ثم ذهبت إلى دائرة الشرطة. قام المسؤولون باتصالاتهم المعتادة في المستشفيات، في الفنادق، وفي كل مكان ممكن... لكن لا أثر للمعلمة سمر في المدينة...

رجعت المديرة إلى الفندق والدموع تملأ عينيها

وأخذت الافكار السوداء تتقاطع في رأسها، وخاصة حينذاك كانت توجد حالات اختطاف في البلد من جماعات سوداء شريرة، مما جعل المديرة بحالة تعيسة يرثى لها.

 حاولوا في الفندق التخفيف عنها، احضرا لها مأكولات شهية، حكوا لها حكايات، لكن هي هنا وليست هنا... 

فجأة رن جوالها... 

واحدة من المعلمات كانت على الخط تبكي وتضحك بذات الوقت...

قالت: الحمد لله سمر وصلت إلى بيتها، هي صادفت جماعة  من اقربائها في الزبداني حوالي الساعة الثالثة والنصف دعوها للعودة معهم. قالت بذاتها  سأتصل بزميلاتي من السيارة، وعندما  أرادت الاتصال لتخبرنا لم تجد هاتفها معها، وشهقت مذعورة مرتبكة، لقد فقدت هاتفي... والسيارة كانت قد قطعت نصف الطريق  تقريباً. والمشكلة سمر لم تتذكر أحد ارقام هواتف جوالات زميلاتها المعلمات لتتصل بهن من جوالات اقربائها، ولسوء الحظ ايضاً تعطلت السيارة، وعجز صاحب السيارة عن إصلاحها، لذلك خابر سيارة اجرة من دمشق، وانتظروا حتى جاءت، ولم تصل  سمر المنزل حتى الساعة...

قالت سمر: كنت أتحرق، وكل همي أن أصل الي بيتي لأخابركن وأعتذر عن خطأ حصل رغماً عني...

 لكن الذي حدث، حدث، وتحولت دموع الخوف إلى دموع الفرح. وكان العتاب، وكان اللوم، وكانت المسامحة...هنأ المعلمات بعضهن البعض بسلامة زميلتهن.

 في فندق الزبداني صارت المديرة تضحك وقالت هاتوا العشاء أنا جائعة. 

اليوم التالي بالمدرسة لم تشبع المعلمات تقبيل سمر...

أخطاء بريئة لكنها محرجة. 

كاتب القصة: عبده داود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كن منصفا بقلم عمر طه اسماعيل

 كن منصفا ياقلب ان فاض الهوى ورايت اعماقي تذوب وتكتوى وإرأف بحال معذ ب ضاقت به كل السماء وغير وجه ٍ مارأى وجه ٌ يطوف بمقلتي َ كانه سحر ٌ عجي...