الخميس، 13 مايو 2021

يوميات مضيفة طيران
بطاقات العرس
الجزء 18
ابونا جاك  أخذ العرسان إلى المحلات الخاصة بالعرسان، محلات من الصعب أن يعرف مكانها غريب عن باريس،  هناك  وجدت  العروس كل ما تطلبه، وفهموا  بان ابونا جاك محبوب جداً من أصحاب تلك المحلات التي زاروها...
 اعجبت سحر بنوعية الألبسة، وبجمالها، وبساطتها، واتقان صناعتها واشترت كل ما يلزمها، وبأسعار التكلفة  تقريباً، علما بأن تلك المحلات نادرا ما تعطي خصماً على أسعارها... دفع لويس بالبطاقة الذكية وقال لهم: فضلاً صندقوها جيداً  وسلموها إلى أمانات المطار حتى يرسلوها إلى عنواني في  دمشق... 
 تشكر لويس ابونا جاك جزيل الشكر، وشدد عليه الدعوة إلى مطعم مكسيم حتى يتناولوا وجبة الغذاء هناك...
مطعم مكسيم من المطاعم المشهورة، وله شهرة واسعة وفروع في أغلب عواصم العالم... 
طلب كل واحد الطبق الذي يحبه وابونا جاك هو الذي اختار لهم نوع النبيذ المناسب للطعام...
سأل لويس مدير المطعم، إذا  كان  بالإمكان ارسال طلبية طعام إلى دمشق في سهرة 14 شباط أي في عيد الحب...شريطة أن تصل ساخنة وقت  العشاء؟
قال مدير النادي، سأتحقق من شركات الطيران فوراً وسنخبركم جوابنا...
رجع مدير المطعم،  وقال لقد وجدنا طائرة  في التاريخ المطلوب، ونحن جاهزون للخدمة...
قامت سحر ولويس باختيار بعض الاطباق من المأكولات الفرنسية والحلويات والمشروبات الفرنسية، وبموجب البطاقات الذكية دفع  لويس ثمن الطلبية حسب الفاتورة التي قدموها...
قالت سحر فرنسا لها  حضور في العالم كله... 
قال الأب جاك. صحيح فرنسا عانت ظلما وفقرا في زمن الملوك والنبلاء. وجاع الشعب من غلاء الأسعار وقلت الموارد، وكان النبلاء يفرضون الضرائب على الشعب، بينما الشعب كان عاجزاً حتى عن شراء الخبز... وكان النبلاء ينهبون كل ما يصل إلى الدولة، كانوا هم حكام فرنسا، وكانوا هم ذاتهم لصوص فرنسا...  
لذلك قامت الثورة وتم الهجوم على الباستيل في عام 1789
وتوسعت  الثورة حتى شملت فرنسا كلها، واستلم الشعب الجائع السلطة، ومن شدة المه نصب  المشانق المقصلة  وأخذ بقطع رؤوس سارقين أموال الشعب  هم وأولادهم، واسترجاع  الثروات المسروقة، آنذاك، عانت البلاد من الفوضى الكثير، تلك الفوضى كانت هي الضريبة التي دفعتها فرنسا حتى استطاعت أن تقف على قدميها وتستعيد حياتها.
كانت فرنسا بلاد الظلمة، بينما اليوم صارت بلد الحضارة والنور.
في اليوم التالي قام العروسان بشراء هدايا إلى الجميع في دمشق، وكانت الهدية الكبيرة ثوب خمري اللون من أجل هدى كونها اشبينة العروسة، وقد خصصوها بالألبسة الفخمة ولوازم من الإكسسوار  لزينتها... واشتروا أيضا كل الأغراض التي أوصوهم عليها بدمشق من ألبسة  وهدايا للأولاد وللجميع...
بعد نهار شاق  في الأسواق، عادوا باكرا إلى الفندق متعبين، سرعان ما نام جورج. بقي العروسان في صالون الفندق يتسامران ويحتسيان النبيذ ويتمتعان بأكلات حبات الكستناء  المشوية الساخنة  اللذيذة المتوفرة بكثرة في أوروبا  في أيام الشتاء... 
قال لويس: أنا أحمد الله بان جورج احبك، وهو يعرف بانك ستكونين في المنزل مكان المرحومة امه، عادة الأطفال لا يتقبلون وضعاً مشابهاً...وقد أدهشني عندما قال للخوري بأنك انت خطيبتي، وقال عن امه بانها رحلت... والذي أدهشني أكثر هو الصداقة والألفة السريعة  التي  جمعتكما وهذا هو الأروع  الذي اشعرني بالسعادة، وقد قلت لك بانك ستكسبين محبة الأولاد، والأولاد سيحبونك، لأن قلبك مليء بالمحبة والعذراء مريم صديقة قلبك وحياتك...
قالت سحر، الحق معك، لكنني أعزي هذا الأمر  برمته  إلى أختي هدى التي تمهد  لي الطريق حتى لا يستغربوا وجودي في بيتك...
اعترض لويس، لا تقولي بيتك، بل قولي بيتنا، أنا وانت... أنت يا سحر كل حياتي وكل قلبي، وكل ما هو لي هو لك...لأننا سنصبح  أنا وأنت أنا جسداً واحداً...وروحاً واحداُ...ومعنا اولادي أولاد جورجيت ، أليس هذا ما قلتيه لي انت عندما كنا في الصين؟
قالت ارجو من الله أن يساعدنا حتى  نسعدهم ولا نشعرهم بغياب امهم التي رحلت عنهم بالجسد... 
استأذنت سحر وقالت  بانها متعبة ودخلت غرفتها واخذت بالبكاء... وقالت هل انا اشتريت ثياب عرسي أم ثياب كفني؟ يا رب ارحمني...
في اليوم التالي أخذهم ابونا جاك إلى مطبعة يعرفها حتى يطبعوا بطاقات دعوات العرس...اختاروا بطاقات من النوع الفاخر طبعاً، وطلبوا طباعة ألف بطاقة.
قالت سحر أتصور ألف بطاقة 1000 عدد كبير، قال لويس ليست مشكلة إذا زادت البطاقات، لكن المشكلة إذا نقصت...
قرر لويس ان يوزع منها على الأشخاص الذين يعرفهم في باريس، وكانت أول بطاقة قدمها إلى ابونا جاك وقال له البطاقة  متضمنة أجور السفر إلى سورية ذهاباَ واياباً مع الإقامة الفندقية كاملة...
قال الأبونا: هذا مكلف جداً، شكرا جزيلاً... 
قالت سحر: ربنا يكون في عون العريس الفقير، عندما يقرر العريس والعروس الارتباط الكنسي... 
يحضر المسئول الفواتير المطبوعة والممهورة من قبل الأساقفة، ويقول بجدية، انها قوائم مقدسة لا يجوز مناقشتها أو الطعن فيها...
الشاب يخجل من امام المسئول والعروس  تقول له لا بأس الكليل مرة واحدة في العمر، والحقيقة، هي غايتها حتى تتفاخر أمها  امام  نساء تافهات مثلها...
وناهيك  عن النفقات الأخرى، مثل البطاقات بحد ذاتها كلفتها باهظة، وهى بالتالي لا تعني شيئاً سوى ارهاق للفقراء المعترين، وثمن الزهور، والسيارات، والضيافات، والضربة الكبيرة عند مزينين الشعر، للعروس، وحواشي العروس، وعشاء السهرة الذي  يقضي على العريس بالكامل،  كما يقضي  الجزار بالذبح  على الخراف...
قال ابونا جاك: الحق معك ابنتي سحر، هذا الموضوع جعل الشباب يهربون من تحت سقف الزوجية، إلى تحت سقف المساكنة... الشاب يعطي  الشابة مفتاح بيته، او هي تعطيه مفتاح بيتها، ويشتركان  في حياة مشتركة... قد تدوم المساكنة اياماً، أو اشهرا، او سنوات، وعندما يختلفان يعيد المغادر المفاتيح إلى من يملك البيت وينتهي الامر ببساطة... ويبحثان عن مساكنة جديدة...لذلك لم يعد شباب اليوم يرغبون بالإنجاب، خشية فك هذا الارتباط الهش، الذي لا جذور له، وغير مبني على أسس متينة، مجرد اختلافات صغيرة، قد تؤدي الي فض تلك الشراكة، ويذهب كل واحد منهم يبحث عن سكن جديد...والسبب  الرئيسي لذلك هو غياب  الله عن تلك البيوت...
والغالبية اليوم، يشجعون مثل هذه المساكنة البعيدة عن الدين، ويقول البعض: الانفصال  افضل من البقاء تحت سقف بيت تصبح الحياة  فيه لا تطاق...
لذلك الكنيسة  اليوم حيرى في هذه المسألة، هل  تنظم وتشجع هذا المنهج الجديد الذي يفرضه الواقع، ام تقف بعكس التيار وبالتالي تخشى أن تفقد  غالبية ابناءها... 
في  الفندق اتصلوا مع مدير المصنع في الصين، ودعوه هو وزوجته اذا كنتم تحبون  أن نعزم احداً من عملاء المعمل الذي تتعاملون معه في فرنسا.
قال المدير الصيني، ربما مدير المعمل في باريس هو وزوجته... ومعملنا  يتكفل بمصاريف حضورهما إلى دمشق...
امضى العروسان وجورج تلك السهرة في عزيمة مدير معمل القطع الكهربائية وزوجته واولاده بأحد مطاعم باريس الفاخرة...
وجورج كان سعيداً جدا بأصدقاء الجدد... 
كاتب الرواية: عبده داود
إلى اللقاء بالحلقة  19
الرجاء ممن يود قراءة حلقات سابقة يجدها في :
(مجموعة يوميات مضيفة طيران)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

طفلة الشوق

 ( طفلة الشوق )) ومن النساء أنت  طفلة تخطفني إلى عالمها تتقلب ما بين صدري وقلبي ترسم بيديها قبلة فوق جسدي ونار الحب تحرقني تغازلني تعانقني  ...