الثلاثاء، 15 أغسطس 2023

 حِكمة القدر. 

التقيا على مقاعد الدراسة ،فتعرفا على بعضهما البعض، وتطورت العلاقة بينهما الى حب ولكليهما رغبة في الارتباط والزواج بعد التخرج. 

مرَت تلك السنوات الأربع كلمح البصر وتخرجا معا في نفس التخصص (طب الأسنان) 

ومن حسن الصدف انه تم تعينهما في نفس مصلحة الشغل،فعاشا معا،احلامهم طاهرة عفيفة،يحلمان ببناء أسرة وابناء، يغدقان عليهم بالحب والحنان .

وكلاهما يشعران بأبوّتِه وأمومتَها. 

مرّت سنوات ولم تظهر عوامل الحمل إطلاقا ،فقررا زيارة طبيب مختص،وإجراء فحوصات وتحاليل طبية،وبعد عدة أيام ذهبا لأخذ النتائج وعرضها على الطبيب ،فكانت النتيجة صادمة الزوجة عاقرة، ولا يمكنها الإنجاب بتاتا. 

فاكفهرت الدنيا في وجهها واسودّت في عينيها،وكرهت كل شيئ. 

وإذا بيد زوجها تمتد الى كتفها لتربت عليها بلمسة حانية، وهمس لها ،لا تحزني ولاتقنطي من رحمة الله ،سنبقى معاً مدى الحياة ،ولا مشكلة لدينا إن كتب الله لنا العيش بدون اولاد ،هذه مشيئة الله ولا رادّ لقدره. 

وتلا على مسامعها قوله تعالى :لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاء يَهَبُ لِمَنْ يَشاء إِناثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرانًا وَإِناثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ .49/50 الشورى.

واستمرت الحياة بينهما في حب ووئام وانسجام،لمدة ثلاث سنوات،الزوجة لم يهدأ لها بال ،تفكر في مصير زوجها ،وتارة تُحدٍتُ نفسها:  لماذا زوجي الحبيب يبقى محروما من نعمة الولد؟

إنه يستطيع الإنجاب ،لماذا لا يتزوج من أخرى وينجب الولد؟

فأنا عاقر، هذا قدر الله.  وذات يوم صارحته بالحقيقة وما يختلج بين ضلعيها وعرضت عليه فكرة إعادة الزواج من فتاة اخرى. 

لم يتقبل ما عرضته عليه،بالرغم من أنها تنازلت له عن طيب نفس ورضى. 

ومع إصرارها وإلحاحها عليه لقبول الفكرة،رضخ للأمر الواقع،واختارت له إمرأة اخرى وخطبتها له بنفسها كعربون محبة ومودة والميثاق الغليظ الذي أخذه منهما الله سبحانه وتعالى. 

ولم تمض سنتان حتى جاءت البشرى السارة !

الزوجة الثانية حبلى بتوأم ذكر وأنثى. 

انتشرت الفرحة والسعادة والبهجة في وسط العائلة. 

وبدأ التحضير المادي والمعنوي لاستقبال الضيفين الكريمين القادمين الى الأسرة التي يدخلان الغبطة والسرور عليهم. 

والزوج والزوجة الأولى يغدقان على ام التوأم المنتظران بالهدايا. 

وحان الوقت المعلوم ،وقت استقبال التوأم الموعود،بحيث شاءت الأقدار مرة أخرى ان تفارق الأم الحياة على طاولة العمليات ،لأن العملية كانت معقدة وقيصرية ،واستطاع الفريق الطبي من إنقاذ حياة التوأم بقدرة القادر. 

حزنَ الزوج وزوجته كثيرا على فِراق الأم. 

وبعد شهر من الحزن الشديد ،قال الزوج لزوجته العاقر : إن الله لا يعجزه شيئ في الأرض ولا في السماء،

كنتِ عاقرا ، والآن أصبحتِ الأم التي تربي وتسهر وتعتني بهما. 

وربّتْهما احسن تربية واحسن تعليم وتخرّجا في نفس تخصص ابويهما (طب الأسنان)  

ملاحظة هذه قصة مستوحاة من الواقع.

يوسف بوكفوس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خسرت نفسك

 خسرت نفسك متى خسرت نفسك ضيعت يومك وأمسك محوت ذكراك وإسمك لِتباع في أبخس صفقة متى سرت بهذا المضمار أين جرفك وأخذك التيار ألقيت الطهر في سعير...