ما بال عقلك بالأفكار مغترب
ما بال عقلك بالأفكارِ مغـــتربِ ** كأنك جائـــــح عن شملهم سربِ
فأُسرت في سرب الخيال بعزلة **ما عـدت ترقى بسمع بها طَــرَبِ
فأثرت صمتاً من رآك وقد وجـل** فطــويتَ منعزلا كالـطيّ بالـكُتبِ
فهل بخـلدك ما تراه كمـن يـرى**عُري التراب بصك الماء بالسحب
وفيض دمعك يجرى بنحرٍ حرقة**بما شــاخ فيك الوجد بت مـعطب
فزدت من ندب وتبـــغي نقصها ** فقد زدت بالمنقوص نــارا تُلهب
فأي امرئ فيه السعاية ينطــوي** على أرق بصــدغ الرأس يستبي
وكيف لوهلٍ كهذا الــحُرق ألفةً ** وميل الكحل ُعاث الجفن والهدب
فهل كمد باللذع يحلو طعـــــمهُ ** مر المـذاق بطــــعم نابذ القصبِ
فلقد نزعت نضار الورد بهجــة** وشكا النـخيل بشح الماء للرطبِ
أراك بغـــربة بالروح مـنزوياً ** كشوكٌ البرى نزغ الحبيب مُقرب
فأبدلت الفرات نقـائه وبما أسنٍ** وحيدت حسن الغيد ما فيه تُخلبِ
وقطبت وجهك بالأسى متذمرا** وغربت مسكاً بالــوجوه مخْضِب
تنأى به العين إِبْهَـــاجاً لطلــعته** عتم الوجوه بسترُ الحسن منقبِ
فهل تصبر كصبار ببيد أمرعت**راحت تنسم بالـــــجفاف تُرطبِ
وكَحْلآءُ عـــين تثاقل مشيها قدم** هلعٌ تلبســـها مما رأته بمرهب
ومنضود اللآلئ يُــخدش صـفه** فلا رصف بخـــــلع السن تُجدب
فكيف لقلبة ترنو لفاه لثـــــمها **ولظى الشــفاه كغلي البُن مشرب
فكب الرحيق رفات الكأس ثملها** فِي غَمْرَةٍ العشاق ذاك الملعب
تسري بليل الحالمين نوال خلـها** هي مهرة في أصــلها النُّـجــُب
هي عرس الواجدين إذا مشـت** هي التجــاذب حتى النــد منجذب
هي الدواء لداءٍ أن حل غــارب** فتشفي جروحا ما كان من نُدبِ
كَأّنَّما جـبل نسعى بـــظلٍ فيئــهُ** وهل يعــــبأ الولــهان مـن كـربِ
وَلع الْمــــتيم مِنْ آهات ملـهمة ** كمن تيمم بالصلاة لفعلٍ مُــجنب
فأن نَفَضَت غبار العزل خلوة ** سترقي سلما بذاك الشجو واصبِ
أبو مصطفى آل قبع