قصة الأمس واليوم وغدا.....
اسرع قرار
قصه قصيره
بالرغم من أن منزلها كان أمام منزلنا في بلدتنا الصغيره الهادئه فلا اكاد اراها الا مره كل عدة أسابيع وهي ذاهبه الي المدرسه او عائده منها ماعدا ذلك فهذا نادرا فهي تعيش في منزل ذو طابع محافظ تتربي فيه الفتاه علي قيم وتقاليد الدين والمجتمع فلا خروج الا لضروره وفي أغلب الأحوال يكون مع أحد أفراد الاسره وكان ذلك مثار احترام وتقدير الشارع كله والذي كان معظم سكانه من عائله واحده تقريبا . وكنت عندما اراها لم تكن تعني لي اي شئ غير عادي فهي مثلها مثل باقي بنات العائله ولكني بالطبع كنت أنظر لها بعين الاحترام والإعجاب بسلوكها وأخلاقها واديها الفطري وجمالها الطفولي البرئ والذي كان لايعبر عن عمرها الحقيقي كل ذلك دون أي تفكير في شئ اخر فضلا عن أن فكرة الزواج كانت بعيده عن ذهني تماماً فكنت لا أطيل النظر إلي اي فتاه حتي لااشغل نفسي بأمور لست علي استعداد لها علي الاقل في ذلك الوقت . كانت طبيعة عملي قاسيه وكنت غالبا في عمل طوال ايام الأسبوع بما فيها يوم الجمعة والعطلات الرسميه ولم أكن أعرف معني كلمة اجازه . وفي يوم من الايام اقترح علي بعض الأصدقاء بعدم الذهاب الي العمل يوم الجمعه القادم ونقوم بقضاء هذا اليوم علي شاطئ البحر فوافقت وهذا ماحدث بالفعل وبينما أنا جالس تحت ظل نخله من نخيل الشاطئ الذي اندثر حاليا إذا بي اراها بصحبة اختها الكبري واولادها يتمشيان علي الشاطئ فلم اصدق عيني كيف سمح لها بالحضور ولم أتساءل كثيرا ولم أنتظر اجابات وتخطيت حاجز الدهشه ولكن التفسير الوحيد الذي قفز الي ذهني هو أن الله قد ساقها في هذا اليوم لشئ اخر تماما بعيدا عن كل التكهنات في اليوم الوحيد الذي أخذت فيه اجازه لم اتعود عليها من شهور . ونظرت لها وكأنني اراها لاول مره... ولكني في داخلي كنت اعرفها في عالم اخر منذ زمان فهي تقبع في ركن من ذاكرتي قيد الاستدعاء... ماكل هذا الجمال الطفولي البرئ النادر وعينان يتقلب لونهما مع لون البحر وأشعة الشمس وخدين قد قطفا من بستان يضم أندر انواع الورود وبنطال من الجينز وبلوزة حمراء اضفت علي وجهها حمره فوق حمره وشعر كستنائي يميل الي الصفره أكثر من لون الحناء مسدل علي كتفها بتسريحه بناتيه لطفله كبيره لاتعرف أنها مقدمة علي أمر عظيم . ولاول مره اعرف كيف ينخلع القلب وتضطرب نبضاته ويرتعش الوجدان ويثور بركان الاحاسيس دون سابق إنذار ويتوه العقل من فرط الجمال والبراءة عندما يجتمعان معا في ملاك أودع الله فيه كل مقاييس الجمال . اول مره أشعر أن بداخلنا شئ ما لانعرفه ولكنه يفاجأنا بغته في لحظة هي خارج كل حسابات الزمن قد تعني لنا كل الحياه . وبتصرف همجي ليس فيه اي نوع من اللياقه أو اللباقه وجدتني امسك يدها واجلسها بجانبي علي الارض غير عابئ بمن حولي وبكلام مباشر ليس فيه لف أو دوران لايعرف مفردات الرومانسية أو الدبلوماسية قلت لها إذا تقدمت لخطبتك فهل ترضين . هكذا مباشرة فارتبكت بالطبع من هول المفاجأة واحمر وجهها وبدت وجنتيها وكأنهما قد استنجدا بحبات الرمان من بستان قريب وقامت مسرعة تتحصن بأختها لتداري خجلها الذي تسبب فيه شخص متهور فقد بوصلته من تاثير تيار مغناطيسي لايقاوم وتوقف لديه عداد الزمن فلم يراعي احداثيات الزمان والمكان . وبالطبع لم يكن هناك ردا ولكني عرفت الرد من تسبيله من عيون لاتعرف الكذب مصحوبه بابتسامه خجوله فسرتها بانها تنم علي الرضا . ولم اضيع وقتي كثيرا فذهبت في المساء لاتمم مانويت عليه ولم يمر ثلاثة أيام حتي تشرف اسمي بالارتباط بمن كانت تسكن قلبي دون أن ادري من سنين . كان هذا اسرع قرار اتخذته في حياتي دون تفكير ولعل في توهان العقول احيانا فائدة كبري قد لاتدركها العقول الحاضره .
مهندس فايق الخليلي
8/10/2022