الأحد، 21 يناير 2024

افيال الهند

 أفيال الهند 


- أمي .. أين نحن، وما هذه البلاد العجيبة ؟!

- إبنتي نحن في الهند.

- وأين الفيلة ؟!

- سنذهب لرؤيتها بعد أن تجرين بعض الفحوصات

- أمي .. لقد تعبت من كثرة الأدوية والمراجعات

- هنا في الهند ستكونين أفضل يا حبيبتي.

بدأت رحلة العلاج التي أستمرت لأسابيع، الورم أخذ مأخذه في جسد الفتاة الصغيرة، فبدأ تساقط الشعر والحاجب، منع عليها المرآة ، كي لا تشاهد ذلك وتسوء حالتها، فالجانب النفسي هو نصف العلاج حسب رأي الأطباء.

جرعة (الكيمياوي) مؤلمة جدًا لا يتحملها الكبار فكيف وهي بعمر الثانية عشر ؟! جسدها النحيل بدأ بالذبول، لم تكن تتوقع أن (الجرعات) ستكون متوالية.

- أمي .. أرجوكِ ارجعيني إلى بيتنا، أريد اللعب مع إخوتي وأصدقائي.

- حبيبتي .. بقي وقت قصير، وسنكون في البيت بعد أيام.

انتابت البنت نوبة هستيرية من الإنفعال والصراخ، قد تكون من اليأس أو من شدة الألم المرافق للعلاج. هرولت الأم مسرعة نحو الطبيب، وأشارت له بالقدوم، فهي لا تتكلم اللغة الهندية ولا الإنكليزية!!

أسرع الطبيب معها، فحص البنت وهدأ من روعها، وأعطاها بعض المسكنات، نادى المترجم، وبادر بالحديث :

نتألم لما تعاني منه ابنتكم، لكن فرص النجاح كبيرة، ثم إن جسمها يتقبل العلاج، والورم أخذ في الشفاء، ما تعاني منه هو الخوف والحالة النفسية التي أبعدتها عن عالمها وأصدقائها، كونوا مطمئنين.

- هل نستطيع الخروج معها للنزهة  غير بعيد ؟

- نعم، لكن عليكم أن تكونوا باتصال مباشر معنا لأي طارئ.

كان حلمها أن ترى الفيل وبقية حيوانات الغابة التي تقرأ عنها في القصص، وقد تحقق لها ذلك. الابتسامة على وجهها البريء كشمس الصباح بهية جميلة، طلبت بعض الطعام الذي حرمت منه في المشفى، تناولته بنهم شديد مع ضحكات سمعتها حيوانات الحديقة، التي سرعان ما أصدرت الأصوات الجميلة معها !!

بعد أيام انتهت فترة العلاج، رجعت إلى بيتها واستقبلها إخوتها وبقية الأقارب والجيران والأصدقاء، احتفلوا بها، وقدموا الحلوى ورقصوا ابتهاجًا لشفائها.

- شكرًا لكم، كنتم معي وأنا في مرضي وسفري، لولا دعاؤكم ما شفيت.

- حبيبتنا.. أنتِ فتاة شجاعة وقوية، تغلبتِ على المرض وأصبحت حياتك أجمل، ستكونين قدوة لاقرانكِ.


مها حيدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خسرت نفسك

 خسرت نفسك متى خسرت نفسك ضيعت يومك وأمسك محوت ذكراك وإسمك لِتباع في أبخس صفقة متى سرت بهذا المضمار أين جرفك وأخذك التيار ألقيت الطهر في سعير...