كان لقاؤهما عيدا فى الارض وعيدا فى السماء...
جادت السماء بخيرها، وغيثها يحيى القلوب العطشي للحب والحنان.. بعد غياب استمر فترة طويلة من الزمن عشاها فى شقاء، وتيه فى دوامة الايام بحثا عن السعادة في كل الدروب ولم يحظا كل منهما بلحظة صفاء إلا عندما يجلس بمفرده يتذكر لحظات اللقاء وعبارات الغزل ، والحب الممزوج بالخجل، والنظرات التى تبوح بما تعجز عنها الكلمات.
وكانا يحيا، ويقتات قلبيهما من هذه الذكريات لاستكمال مسيرة الحياة وكل منهما اختار لنفسه سبيلا يسلكه او ربما طريقا فرض الزمان عليهما السير فيه.
كان هو يبحث عن قلب يأويه ويعطيه ما أخذه الفراق منه وكان يريد شجرة تثمر له بطيبها بعد أن رزقه الله المال واراد أن تزين حياته بالبنين
( المال والبنون زينة الحياة الدنيا )
ولكن مشيئة الله جاءت عكس ذلك. لم يوجد مايمنع الإنجاب. وترددا على زيارة أكبر مراكز الانجاب دون جدوى.
وكان أراء المختصين أن يتزوج امرأة أخرى، وأن تتزوج رجلا آخر. ولما لا.
وكان الأمر بالنسبة له سهلا ، حيث أن الهدف من هذه الزيجة لم يكن الحب وحده بل الانجاب أيضا لم يتردد فانفصلا.
ولكنه هذه المرة لم يبحث عن الزوجة ، ولا الاولاد.
لكنه كان يحن لحبه القديم الذى لم يخطو خطوة واحدة ليبحث عنه معتقدا أنها استكملت مسيرة الحياة وأصبحت زوجة ، وحبيبة ، وأما.
لم يريد أن يفسد ما أنعم به الزمان عليها من السعادة ، والرضا.
لم يعلم انها لم ترض برجل آخر لم تستطيع أن تخضع قلبها لقوانين الحياة وتحطمه بقرارات القدر حتى لاتعيش بنصف قلب، أو نصف عقل.
فقررت عدم الزواج وكان لابد أن تفعل شيئاً يعوضها عن حبها الشديد للأطفال فكان حلمها أن تنجب اولادا تحنو عليهم وتلهو معهم تستظل بهم من صعوبة الأيام فكانت تتردد على دور الأيتام وتحظى بأوقات من السعادة معهم واصبح وجودها ضرورة لا غنى عنه وفي بعض هذه البيوت القريبه من منزلها كان الذهاب الى هذه الدار راحة لها من ارهاق العمل ومشقة الحياة. ووحدتها بعد أن فقدت والديها.
وبينما كانت تتجول بين محلات البلدة لتشتري لهم بعض الهدايا كان هو الاخر يتجول في وسط المدينه يتناول الوجبات ويحتسي القهوه والمشروبات ويستأنس بالناس.
إذا به يقابلها وجها لوجه رغم أنها كانت تحمل حقائب كثيره ولم تراه. فناداها باسمها فالتفتت إليه وتهلل وجهها بالنور لحظه وقوع عينها بعينه.
ولكنها لم تصدق وتسمرت مكانها من المفاجأه فذهب إليها وأمسك بيدها، وحمل عنها الحقائب.
ودون كلام أخذها إلى سيارته وفي الطريق كان يتحسس أناملها بطريقه خبيثه ربما ليجد إجابة لسؤال لم يجرؤ ان يسألها إياه فلم يجد خاتما بأصبعها فخجل من نفسه بعد أن سألها عن حالها منذ فراقهما. وبعد أن عرف أنها لم تتزوج. ضمها إلى قلبه حتى يشعر إنه مازال على قيد الحياة .
وهي كانت تغمض عينيها حتى تمحو هذه الايام من ذاكرتها. وقص لها حكايته وبعد وقت وجيز تزوجا وانجبت له أنثى كانت هي الشمعة التي تضيء لهما الحياة.
متنعما بصحبتها وكانت تشبه أمها كثيراً.
فكانت له البلسم والترياق الذي جاءه في آخر العمر ليزينه؛ وتوسعت هي في دائرة الخير حيث افتتحت دارا اكبر للأيتام والمغتربين وكلما زادها الله من حب تجدد الأمل في قلبها و زاد الخير ليغمر حياتها بالطمأنينه والسعادة فسبحان من قائل : ( وعلى نياتكم ترزقون ).
بقلمى. رباب عبد المنعم