مدرسة المطر
الحلقة 7 والأخيرة
استغربت عائلة البراون زيارة أم جميس والدموع تملأ مقلتيها وهي تجهش بالبكاء، جلسة على أول مقعد صادفته، وهي بالكاد تستطيع الكلام.
احضرت لها لينا كأس ليمون، والعائلة جميعاً في ذهول واستغراب، ماذا يمكن أن يكون خلف هذه الزيارة...
عندما استطاعة أم جميس الكلام قالت: يا أبنتي جميس في المستشفى بين الحياة والموت، وهو يرجو أن يراك قبل أن يرحل من هذه الدنيا...وأخذت تبكي بصوت عال وتقول لعن الله المال، وكل من يسعى وراءه...
كانت تبكي وتحكي، قالت: أبو جميس أتفق مع شركائه ليلة أمس أن يحرقوا لكم مدرستكم، لأنها ستكون المنافس الأول لهم، وقد كلفوا جماعة أشرار من عصاباتهم بالاتفاق مع الشرطة المناوبة وسيارات الإطفاء بالتمهل إلى الوصول إلى المكان حتى تأتي النيران على كل المدرسة، وقف جميس أمام والده وقال له: أنا طيلة عمري وأنا تحت أمرك، أنت حرمتني من أجمل أيام حياتي، أنت دنست الحب الذي ملأ حياتي، أنت حرمتني من الشيء النظيف الذي لم أجده يوما في دارك، وأنت تتجار في الممنوعات، وتعمل على تبييض الأموال الوسخة...
أنا منذ اليوم لست أبنك، وهذا هو العقد الذي أجبرتني على توقيعه كاذباً على أروع إنسانة عرفتها في حياتي، إنسانة قلبها من السماء تفوح منه رائحة البخور الملائكي، وقد حولتها أنت بأعمالك إلى رائحة سموم المخدرات التي تتاجر فيها وتسمم العالم في كل مكان تصل إليه...وأشعل النار في العقد وقال أنت في نظري مجرد مجرم، وأنا من سيخبر الشرطة عنك، لا بد سأجد شرطة لا تزال نظيفة لم تقبض من أموالك النجسة...أنا اليوم أخبرت الشرطة بما تنوي فعله في مدرسة المطر...وهم يراقبون المدرسة الآن.
والد جميس، طار صوابه وجن جنونه، وسحب مسدسه وأطلق النار على ابنه...
جميس الآن في غرفة العناية المشددة، ووالد جميس هو وشركاؤه في السجن، وهذه هي بقايا من القعد المحروق الذي يلزمك بالدوام في مدرسة الجبل، وأنت حرة من كل التزام...
صاحت لينا هيا، هيا بنا، نذهب إلى المستشفى،
سمحوا إلى لينا بالدخول إلى غرفة العناية المشددة، قال لها الطبيب وجودك معه هو العلاج الناجع، حالته حرجة سأسمح لك أن تبقي معه، لأنك أنت الفرحة التي سيطلب الحياة من أجلها... لا تحرميه منك، أنت الحب، أنت الدواء الذي هو أفضل علاج له.
أغرقت الدموع عينا لينا وأخذت بالبكاء الطويل، الذي غسل كل المشاعر السوداء التي ملأت قلبها كل الفترة السابقة...
دامت حالة جميس خمسة أيام في غرفة العناية المشددة، وطيلة الفترة لينا تمسك يد جميس وتقبلها وتبكي على كل كلمة قالتها عنه، وتطلب من الله أن يسامحها على سواد قلبها...
كانت تقول كنت أحس بطهارة قلبه، واسعدها بأنها لم تكن غبية، ولم تكن مخدوعة، وحبيبها لم يخدعها، هو كان ينفذ أوامر أبوه، أحد رجالات المافيات التي تشتري الشرطة، وتمارس نشاطاتها الإجرامية حتى القتل، وتسجل الجرائم ضد مجهولين...
بقيت لينا في المستشفى ولم تغادر ساعة، وكانت صحة جميس تتحسن لكن ببطء، لكن الحمد لله زالت مرحلة الخطر وانتهت إقامة المستشفى...
قال الطبيب لم يعد بمقدورنا فعل شيء، يمكنكم أن تأخذوه إلى البيت، لكن للأسف لن يتمكن من المشي، سيبقى على كرسي متحرك وبحاجة إلى شخص مرافق معين دائماَ معه...
قالت لينا، أنا هو الشخص المعين له، هذا هو حبيبي وليس لي حبيب غيره...
قال الطبيب: يحيا الحب، الحب هو الحياة، ولا معنى للحياة بدون حب... لولا الحب لكان الفناء هو سيد العالم...
حكمت المحكمة على أبي جميس وأفراد العصابة معه إلى حبس لا تنتهي أيامه...
أصاب الأب نوع من الجنون وهو يقول ويكرر أن من أراد قتل ابنه...
أصرت لينا أن تتكلل إلى جميس، رغم المعارضات الشديدة، حتى من جميس ذاته لم يرض أن تكون لينا ممرضة دائمة له، لكنها أصرت على موقفها وعارضت أهلها، وعارضت أم جميس، وعارضت كل من يعرفها وهي تقول هذه هي مسئوليتي أنا، وجميس حبيبي أنا...
وصار كليل كنسي حضره جميع الأقارب والأصدقاء والمعلمات والمعلمين في مدرستي الجبل والمطر...
كانت هي ترتدي أجمل ثوب أبيض، وهي غاية في الجمال، وهو غاية في الوسامة لكنه جالس على الكرسي الكهربائي المتحرك بجانب العروس وهما يتكللان...
دموع الفرح كانت ممزوجة بدموع الحزن من هذا الموقف الصعب، في نهاية الكليل ضجت الكنيسة بالتصفيق الحاد والدموع تملأ عيون الجميع...
الشيء الذي لم يكن أحد يتوقعه، هو ما فعله أبو جميس الذي يملك أمولاً طائلة في قبو منزله ولا أحد يعلم بها، قام بشراء حصة شريكه في المدرسة وسجل مدرسة الجبل باسم ابنه تكفيراً على فعلته المشينة معه.
صارت لينا مديرة المدرستين ، واشترت سيارة خاصة ذات رافعة تنقل الكرسي المتحرك وجميس جالس عليها للسيارة وتنزلها منها.
جميس ولينا كانا يذهبان سوية لزيارة المدرستين بعد أن عينا مديرا لمدرسة الجبل، وبقيت أم لينا مديرة مدرسة المطر...
الآن العروسان يعيشان قصة حب كبيرة...ممزوجة بدموع الحب والسعادة...ويقضيان معظم اوقاتهما يلعبان مع أطفال مدرستيهما وفي الحدائق العامة.
مؤلف القصة وكاتبها: عبده داود
إلى لقاء في قصص جديدة
القصة الكاملة تجدونها في مجموعة (رواياتي)...