من أنت.. لِما الخلوة .. هنا يُمتحن الايمان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا صار العبد الى درجة الخلوة وصبر على ذلك ودام عليها نقله الى عالم المنطقة المجهولة والصراع من اجل البقاء فبات الناس شجر بغي واصبح الانسان عدوا للإنسان ( قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ )فأن تبصرت واستبصرت الخلوة وصبرت على الاستكانة فيها صبرا يورث الصبر ويُبتل فكرة الصبر على النوائب نائبة أخرى ننقله الى عالم لم يأبه لما هو خفي لعلمه بانه يحتكم لظاهر الأمور ولا يدنو من سرائرها مستأنسا بقوله تعالى ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون آيان يبعثون ) فإذا علم المخلوق بانه محدود ومحتاج فتحت له أفاقاً بما لا يجدها في شاغلته العابثة بملذات الدنا وقدمه التي ترهي لمبتذل الدنا وبهرجتها .، فأول ما يهيج من حب الخلوة طَلَب العبد الإخلاص والصدق فيما بينه وبين ربه، وتورثه الخلوة راحة القلب من غُمومِ الدنيا الانية والمرحلية ، ويجد في الخلوة تبصراً في تحديد المشكلة سلباً أو ايجاباً والايجاب من خلال نظرة فاحصة لما يحدث بأحداث متسارعة محدثه لما رسمته الاحداث من مُحدثات لمجتمعات أحكمت عليها قبضة النوازل من اهل الشقاء لسلب الهناء ممن يستحقه. وما يهيج بالخلوة ترك معاملة المخلوقين فِي الأخذ والعطاء فكان وجوب الأمر بالمعروفَ والنَّهْيِ عَنِ الْمُنكر ملازم له، وعدم َمداهنة النَّاسِ. وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الخلوة خمول النفس، وَالإِغماض فِي النَّاسِ، وهو أول طَرِيقِ الصدق، وَمِنْه الإِخْلاص، ويهيج مِنْ حب الخلوة الزهد فِي معرفة النَّاسِ، وَالأُنْسُ بِاللَّهِ ويورث حب الخلوة طول الصمت في غير تكلف وَغلبة الْهَوَى، وهو الصبر، ومنها يظهر الحلم والأناة، ويهيج من حب الخلوة شغل العبد بنفسه، وقلة اشتغاله بذكر غيره، وَطَلَب السلامة مما فِيه النَّاس، ويهيج مِنْ حب الخلوة النقاء الرنق دون شاغلة الفكر بالأحزان وما لك وما عليك تجاه ذاتك ومن في سربك من خلائق لا تدنو لإيذاء او شحناء وبغضاء او اثارة الفتن والحديث بما لا ينفع لخزين الخير من تمرة الخير لا جمرة الشر ومن خلال ولوجي بهذا المنحى وما القت بحبالها عليّ حاولت ان احيد عنها ومرة الثبات بها وحدثت ذاتي فمرة اكذبها وأخرى اصدقها وقلت انت من يحمل رأسك لا غيرك ولا عقل لغيرك يحمل همك فالخيار خيارك فهل تبدل حال بحال وهل اورثنك الانطواء ؟ فخرجت من فضائي الضيق في غرفة مهجورة الى فضاء رحب لعلي اجد مسارا او مسلكا قد يفي لتغيير ما يراودني من شكوك في عزلة ارتأيتها لذاتي غير مجبراً ولا قسرية من احد انما ركبت مركبها فلم اجد نفسي مطية لها بل مسارها بخط بياني كقلب شاب سليم لا تعتريه منازل الهبوط والصعود كما اعاني ، فرهت قدمي للشارع والقيت التحية من صادفني واستوقفتني حالة لطفل يهمر الدمع سألته بما يبكيك يا ولدي .. قال مالك ومن انت ، انتابني خدش بعدم الفته لي ، قلت هل خائفاً مني ولحيتي الكثة فانا لست مجنون او ما يشوب مخيلتك .. قال انت معلم ، ابتسمت وقلت لا انا رجل فقير من عيال الله قال أتستجدي فهاك مصروفي ولا اريد الدراسة وانوي الرجعة الى داري ، تبسمت قلت ولما ، قال لست براغب للتعلم وكفى ، حاولت ان اعقب قبلته فقط وقلت المدرسة يا ولدي كالأم وانما هي اكبر من امك وما تحنو به لك تملكه صمت وانسحب وكذلك جررت قدمي المتعبة و اوقدت من جذوتي ( سيجاري المعوث ) وقفلت راجعا لانتمائي وانا اردد من أنت .. من أنت ، وكان صدى هذه الكلمة يتردد باذني كناقوس نشز اذنيّ .. فراحت يدي تبحث عن مسمار لأغلق باب غرفتي التي لا تؤصد بقفل ، وجدته وقمت بليّهِ من الداخل وبصيص من نور ينتشر من النخور وقد سبتت الديدان من تعب الليل وهي عاملة في حلكة الليل تنتظر ليل داهم اخر ، فهيأت نفسي لمحاكمة الذات ووضعت قدحا من الشاي وعلبة السجائر واسندت ظهري على وسادتي وجدار الحائط الصلد من الطابوق المحروق من عطب النار المسعرة في منقلة تصدرت صدر ديواني المتهالك ، فوجدت مرأة عفا عليها زمن ، نظرت بها رغم الخدوش فكانت صورة ضبابية معتمة .. فأغمضت عيني تضامنا معها لما عفا عليها زمن الخلوة التي لا ترى من يراها فأقفلت وجهي مستتراِ بكوفية كي لا تراني او يراني احد وأعلنت الخلوة.
أبو مصطفى آل قبع