السبت، 1 يونيو 2024

 المرء مخبوء تحت لسانه:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رَأَيْت حَيَاة الْمَرْء ترخص قدره ... وَإِن مَاتَ أغلته المنايا الطوامح

فَمَا يخلق الثَّوْب الْجَدِيد ابتذاله ...كَمَا تخلق الْمَرْء الْعُيُون اللوامح

قيل بالأثر ( من هاب خاب ) فمن استنفر ثأراً لذات او طائفة ينتمي لها فليقل حقاً او ليصمت عن عارية غير مستقرة قد تسفطه بمنزلق خطير وهوة سحيقة بالحضيض فعواقب اللسان بزلة لا تهون كما لو زلت قدم فنجد أقوالا وأباطيل بأقوال لا أفعال فيجؤ حسابنا بما ذكر بمحكم كتابه العزيز ( لِما تقولون ما لا نفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون )، نركب المركب الذلول ونسفهه الأقوال ونتناحر بما لا يستحق الذكر فمرة نماري وأخرى نغتاب وبتلك نطري كذبا فباتت قولة الحق عرجاء ونسينا قول نبينا الكريم عندما كان يردد ( إن لصاحب الحق مقالا ) وركنا لمجهول القول ولفظ المحاباة والتقرب ممن لهم القدح المعلى وتباكينا على كذبة مختلفة من مدع لفكر جاهل لا يدنو من أبجدية الأدب او الحكمة بكل مناح الدنا ، فوسد اللسان السليط وقطع لسان من يدنو شاطئ الحق ، ونرى حقداً دفينا وتراكم الغل لمن يرتدي رداء غير ردائه وملبسا غير ملبسه  فيتشدق بقول كاذب وانه تابع لفئة وطائفة قال سيدها ما لم يجرؤ قوله بشر فهو برتبة عليةً باعلى الدرج وان كل ما يقوله قد ولد في شهر العسرة وان ولج بقول لا يشق له غبار وتجيش الكلمات على كلمات ليس لها عمق ولا تحرك صخرة صماء ( وكما في المثل الدارج محصن أبن المسعدة )، فلست أنا الأوحد الذي يحس ويدرك هذا وما انصح إلا ذاتي قبل غيري في تصحيح مسار بأن أسلك الجدد وأؤمن العثار ،ِأن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوَان الله مَا يظنّ أَنَّهَا تبلغ مَا بلغت يكْتب الله لَهُ بهَا رضوانه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فافضل الصَّدَقَة صَدَقَة اللِّسَان تدفع بهَا الكريهة وتحقن بهَا الدَّم ومجاهدة للنفس بقول نبينا ( أفضل الْجِهَاد كلمة حق عِنْد ذِي سُلْطَان جَائِر) كلمة حِكْمَة لَك من أَخِيك خير من مَال يعطيك لِأَن المَال يُطْغِيك والكلمة تهديك ، فإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا تكلم بِخَير فغنم أَو سكت فَسلم ،وان عقل الْمَرْء مخبوء تَحت لِسَانه. فالصمت صِيَانة اللِّسَان وَستر العي أي كما علمنا أدب الرسول وخلقه ( أملك عَلَيْك لسَانك وليسعك بَيْتك وابك على خطيئتك ) فلا بد من تمحيص القول قبل اللفظ به وقد نبهنا رب العالمين اذ قال (من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت )وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(إِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من سخط الله مَا يظنّ أَن تبلغ مَا بلغت يكْتب الله لَهُ بهَا سخطه إِلَى يَوْم يلقاه ) فلسان المرء مجبول على ما يتفوه به وليعلم انه  مراقب من الله، ولكل منا صفحة يدون بها من نكن ونعلن وما به نضمر كما قَالَ الله تَعَالَى {مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد} واشفع قوله {وَإِن عَلَيْكُم لحافظين كراما كاتبين يعلمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}  أذن الرقيب والملائكة تسجل وتكتب ما يقره وينطق به الخلق طيبا" او قبحا" فتنطق يوم الحساب بما حصد اللسان ، قد يكون للقلم فم ينطق وقد يكون اللسان قلما يسطر هنالك ترابط وثيق تتحكم به الإرادات عقلا وتوافقا بما ينجز حراكا" وما يقال لفظا والمسألة لا يوجد صراع بل هناك فكر يحوم بمخيلة أي إنسان قد ينطق به بتبصر أو يخط بقلم مبصرا بتأني او عجالة فيكون إزائه حساب من الذات للذات فيما لو خسر بصراع الذات قولا او خطا ، وربحا إن حل مقام الصواب ، وما خط قلم إلا بعد ان يكون جاهزا" للتدوين فمن الممكن تصحيحه او إخفائه او إبداله طبقا" لفكرة قادمة وأخرى راحلة ، أما اللسان فهو تعامل خارج التصحيح حيث إن زاغ اعتذر وان أوفى حمد وتعامل الناس معه آني فيكون الرد الكلمة بالكلمة والقول بالقول ، ما اثرت لقول كهذا الا لامر عارض والامر يعرض دون الامر فمن يعرف الله فعرفه ونستأنس بقوله تعاللى ( الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوا الا المتقين ) اي المتناصحين ، ونزع ثوب الوهم الذي نرتدي فكل من يصيب ويخطأ فلا بد التريث قيل المواجهة بالتعسف والاهانة ، فما لنا أن لا نخلع ثوبا بالياً ولقظاً نابيا من اجل ملذات الذات المتهالكة بحب الظهور والعظمة ، اسئل المولى القدير الصلاح لذواتنا وانا لا ننحو لفرقة  ولا  يشتري بعضنا بعضاً ليلاً بسهر ووهما اكثر من تراب الارض .

أبو مصطفى آل قبع



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خسرت نفسك

 خسرت نفسك متى خسرت نفسك ضيعت يومك وأمسك محوت ذكراك وإسمك لِتباع في أبخس صفقة متى سرت بهذا المضمار أين جرفك وأخذك التيار ألقيت الطهر في سعير...