يوميات مضيف طيران
الجزء 13
حفلات الخطوبة
أصدقاء مدير المصنع الذين كانوا في المطعم، احبوا العروسين، واعجبوا بثقافتهما، وأجرت الصحفية التي كانت موجودة محادثة معهما وقالت ستنشر المقال عن سورية والعلاقات الطيبة بين البلدين في الصحيفة التي تنشر فيها مقالاتها...
سحر كانت في غاية السعادة من كافة المجريات التي كانت تدور حولها ويزيد اعجابها بحبيها الذي اعتبرته كل حياتها وحبها الأبدي...
قال الجميع سنأتي الى الفندق وبعدها الى المطار لتوديعكما...
عادا للفندق، سحر كانت تراقب كل كلمة يتفوه بها حبيبها... أيقنت تماماً بأن خطيبها يحب جورجيت الميتة في جسد سحر الحيّة، جورجيت الغائبة، وسحر الحاضرة، مزجهما في شخصية واحدة، هو اخترعها وعشقها...
ومع ذلك كانت سحر تتناسى جراحها، واعتبرت بان حبيبها مريض بالفعل، لا بد أن تساعده حتى يشفيه الزمن ويعيش حياته الجديدة، وترحل جورجيت، وسحر تسكن قلب حبيبها...
سحر تدرك بان حب لويس، يجب أن يكون لها وحدها، لا يقدر القلب أن يعشق غير شخص واحد...ولا يمكن أن يتوحد جسدان ويصيران واحدا بالجسد والروح، إذا كان هناك شخص عزول، حتى ولو كان غائباً عن الحياة...
في ليلة وداع العروسين جاء مدير المعمل وزوجته ولفيف من الأصدقاء، يحملون علبة كبيرة قدموها للعروسين وقالوا هدية متواضعة رمزاً للصداقة الصينية السورية....
قدمت زوجة مدير المصنع علبة للعروس فيها ساعة من الذهب الخالص... وقالت هذه الهدية من جميع الأصدقاء...
والهدية الثانية فلم رائع عن حفل تتويج سحر ملكة جمال في نادي القمة، ويبدو لويس يقبل سحر في تلك السهرة، ومنذ ذاك اشتعلت جمرة الحب في قلب سحر لكنها طمرتها تحت الرماد لحين...
كما قدم مدير الفندق للعروسين وضيوفهما زجاجات الشمبانيا وقالب الحلوى... وتمنى الجميع للعروسين حياة مشتركة سعيدة...
صباح رحلة العودة، ظهرت سحر ترتدي ثياب المضيفات، وكانت تقف مع وفد من المودعين، وكان توديع الجميع بالقبل وخاصة زوجة مدير المصنع...
استغرب الكابتن سليم وزميلات سحر المضيفات هذا الوفد الكبير، الذي جاء لتوديع سحر ولويس، وهذه الصداقات الحميمة...والقبل...مما أثار الدهشة والاستغراب...
سألت المضيفات سحر: من هم أولئك اصدقاؤك؟ قالت سحر الحقيقة هم أصدقاء لويس خطيبي...زعقوا الصبايا، قالت خطيبها...قالت خطيبها...
الخبر كان صاعقاً بالفعل وخاصة بالنسبة الى الكابتن سليم، الذي كان ينتظر قلب سحر... لكن خطوبة سحر خطفت حلمه.
هنأ الكابتن سليم سحر ولويس، وصعد الجميع الى الطائرة...قال الكابتن سليم مخاطباً سحر، هنيئاً لمن خطفك مني...قال لها ايضاً اليوم إجازة اجبارية لك، تمكثين بجانب خطيبك، اياك أن تقومي بأية خدمات، انت عروستنا الحلوة...
خطوبة سحر تحولت الى فرحة دوت في الطائرة...قامت المضيفات واحتفلن بالعروسين، ووزعن المشروبات وقطع الحلوى على جميع الركاب ضيافات شهية لا توزع عادة في الرحلات العادية، والمضيفات وقائدتهم دلع كن يزغردن ويرقصن ويقبلن سحر كلما مررن بجانبها...وقامت بعض الصبايا المسافرات على متن الطائرة ورقصن على إيقاع اغاني الأفراح...وارتسمت ابتسامات الفرح على وجوه الجميع...
في الحقيقة سحر كانت جالسة بجانب لويس والفرحة تملأ قلبها، لكن احياناً كانت الدموع تملأ عيناها كلما تذكرت ماذا ينتظرها في دمشق من خلافات مع أهلها، وكيف ستتصرف إذا اشتدت معارضتهم وكيف يجب أن تتصرف؟
وإذا زادت المعارضة هل ستتكلل بغياب أهلها؟ وهل الأب ميشيل سيكللها بغياب والديها، وعندها لن تسامح ذاتها مدى العمر...
وتساءلت هل ستأتي أختي هدى لزيارتي سراً عن أهلنا أم ستقاطعني هي الأخرى؟ وتنهمر دموعها سخية، ولويس يستغرب ويسألها ما بك يا سحر؟ وسحر لا تجيب...
أصر لويس وألح على معرفة سبب دموع سحر...لويس كان يخشى من أن تكون سحر مترددة في قبول الخطوبة والارتباط مع شخص مثله، لأنه كان يعرف بانه لا توجد صبية بمواصفات سحر تقبل بما قبلت فيه هذه الصبية الرائعة...
أخيرا قال لويس: سحر اود أن تصارحيني. إذا كنت مترددة في هذه الخطوبة، او تسرعت في اخذ القرار، أرجوك أن تنسي كل شيء. دموعك هذه أغلى من لؤلؤ العالم...
نظرت اليه سحر مستنكرة ،وصفعته صفعة على خده اثارت انتباه البعض، لكنها تداركت الامر بسرعة، وطبعت على ثغره قبلة حارة اثلجت قلب لويس ...وأنهت التساؤلات؟
ثم نهضت واحضرت عربة الضيافة، وقالت أنا اليوم بخدمتك وحدك، لأنك أنت الوحيد الذي احبه في هذا العالم، لم أحب قبلك، ولن أحب غيرك ابداً مهما جار الزمان... أنا أخدمك لأنني سأكون شريكة حياتك الى ابد الدهور وأم أولادك...حتى ولو كان عددهم يزيد على عدد تلاميذ مدرسة...
حطت الطائرة على مدرج مطار دمشق الدولي... الركاب حملوا متاعهم ونزلوا، وتشكروا المضيفات
طلب الكابتن سليم من سحر ولويس أن ينتظرانه، وقال: دقائق وسنغادر سوية...
سحر لم تفهم طلب الكابتن، لكنهما التزما وبقيا ساكنين في مقعديهما مع نظرات استغراب تظهر على وجهيهما...الحقيقة سحر كانت خائفة جداً، وأفكار شيطانية وتساؤلات دارت في رأسها حول لويس، ماذا هناك؟ هكذا حالة لا تحدث إلا بطلب من دوائر الأمن...
جاء الكابتن وقال تفضلا معي، أخذ قلب سحر يرتجف بشدة مستغرباُ الأمر...
قال الكابتن تفضلا من هنا، قالت سحر هذه قاعة الشرف، ما الذي يجري لا أدري؟
عندما دخلوا الى القاعة المذكورة، كانت المفاجأة اكبر من كل التصورات، اهل سحر واختها وابونا ميشيل جاؤوا راكضين يستقبلون العرسان وعدد من موظفين المطار كانوا في القاعة لاستقبالهما، نهض الجميع وصفقوا بشدة وجاؤوا يستقبلونهما...
أصيبت سحر بحالة ذهول مما يحدث وخاصة وجود أهلها وهم يقبلونها ويباركون لها وللعريس...
وتفاجأ العروسان بسلال الورد الابيض العديدة المكتوب عليها كلمات اهداء من أهلها ومن زميلاتها المضيفات... ومن بعض الموظفين في المطار...
قال الكابتن الف مبروك لكما...
وسرعان ما دخلت مضيفات أخريات يدفعن أمامهن قالب حلوى كبير، مكتوب عليه الف مبروك سحر ولويس... التوفيق لكما (شركة الطيران العربية السورية).
كل ذلك يحدث وسحر مذهولة تكاد لا تصدق الذي تراه، واصابها نوع من الجمود والهذيان، تساءلت ما الذي يجري ها هنا أهو حلم أم حقيقية!!! حضور أهلها يستقبلانها في المطار ويباركان لها ويباركان الى خطيبها لويس!!! أكيد حدثت معجزة ما...
سألت الأم ابنتها، أين محبسيكما؟ أخرجت سحر علبة المحبسين، وقالت لن اضع المحبس في اصبعي إذا لم أنل موافقتك وموافقة والدي...وهطلت دموع الأهل والعروس...
طلبت سحر من ابونا ميشيل أن يصلي لهما، وأعطته المحبسين ليبارك خطوبتهما... وبعد صلوات قصيرة وضعت أم سحر المحبس ببنصر العريس والعروس وقالت الف مبروك يا ابني، ووضعت أم العروس المحبسين ببنصري الخطيبين وهنأتهما والجميع يصيحون مبروك، مبروك لعروستنا الحلوة...
كانت سحر مذهولة تقول: معجزة تحدث هنا لا شك...
عرفت سحر لاحقا، بأن أبونا ميشيل وراء تدبير الأمور على الارض، وعرفت بأن الكابتن سليم رتب امور الاستقبال من خلف جهاز التواصل من الجو مع المطار...وهدى فعلت العجائب حتى اقنعت أهلها بالقبول.
كاتب الرواية: عبده داود
الى اللقاء في الحلقة 14
تجدون الحلقات السابقة في:
(مجموعة يوميات مضيفة طائرة)