قصة قصيرة "عصير كوكتيل"
وبعد إلحاح شديد وافقت على النزول من بيتي بصحبة صديقتي الوحيدة "سمية "لعلنا نجد في الخروج سويا ما يبهجنا.
وها قد اصبحنا في "الشارع" فماذا نجد إذن؟ إلا زحمة وضوضاء سيارات وضجيج من أصوات لا نعرف لها أول من أخر ! ألم أقل لكِ دعيني وشأني فمزاجي لا يتحمل كل هذا الضجيج ولكنني أبدا لم أسلم من إلحاحك هذا إلا إذا عزفت عن صداقتك للأبد لعلني أسلم من إلحاحاتك المستمرة.
ممم! أرى في كلامك تلميح بأنني صديقة "مزعجة"! جدا تمام… تمام فهيا بنا نعود إلي بيوتنا على وعد مني ألا ازعجكك للأبد.
نظرت إليها في خجلٍ شديد وقد علا الاحمرار وجهي من جملتها، وتلعثمت مخارج الحروف من فمي، ولم أستطع أن أخرج جملة بل كلمة مفيدة يفهما عقلي قبل عقلها……
ألومها على إلحاحاتها مع العلم أنها ابدا ما لامتني على تسرعي معها في الرد دوما؛ فكثيرا ما اوبخها ويكون غير مقصدٍ مني ويكون ردها عليّ "لا أبالي منكِ إطلاقاً فأنتِ صديقتي حبيبتي" لكنني هذي المرة لم أرا ملامحها بشوشة في وجهي ككل مرة، بل رأيت وجها علاه الحزن حتى دمعوها المحبوسة في مقلتيها رأيتها قد أوشكت على الانهمار على خديها كالنهر.
فماذا افعل إذن بعد أن كسرت خاطرصديقتي الوحيدة والتي دوما تبحث عن السعادة لإسعادي وتفريج همي وتخفيف ألمي لم أجد أمامي سوى أن أرتمي رغم أنفها بين أحضانها وسط كل الصخب والضيج و أعين الناس المترقبة لنا للأسف "لن نسلم أبدا من إبصار الآخرين في أمورنا حتى وإن كنا لهم غرباء"
همست في أذنها قائلة: تبكين مني يا بلهاء وهل تعرفينني لأول مرة ألست صديقتك حبيبتك كما تقولين كل مرة.
ردت بتلعثمٍ لا..! لا..! لستِ "صديقتي" من اليوم وعزمت على دفعي بعيدا عن حضنها ولكنها لم تنل مرادها.
بل أنا من أخذت ادفعها بالقوة لعددٍ من الخطوات حتى إقتربنا من إحدى محلات العصائر الذي يشهد له جميع قاطني المنطقة بأنه يقدم لزبائنه أفضل المشروبات والكوكتيلات المصنوعة من أجود الفواكه الطازجة الفاخرة …
في البداية رفضت بشدة أن تجلس بجواري على أحد الطاولات الموجودة بالمحل ؛ واخيرا نجحت في إقناعها، ولكنني لم أر البهجة تطل من ملامحها بعد فماذا افعل إذن؟!
لم أجد أمامي سوى ذكر اسم الشخص الوحيد الذي إذا اخترق أذنها خارت قواها من الضحك وهو خطيبها السابق الذي كان "البخل" عنوانا له فأخذت اسرد لها بعض من مواقفه العجيبة معها والتي طالما حكتها لي صرنا نضحك سويا بعلو صوتنا.
وبالفعل نجحت في إعلاء البسمة على شفاها حتى صارت تمسك بطنها من شدة الضحك والناس لا زالوا يحدقون فينا كالغربان السود اعوذ بالله من تلك العيون و تلك اللمزات و الغمزات.
صرنا نضحك إلى أن تناسينا تماماً ما حدث بيننا ثم عزمنا على العودة إلى البيت ولكنني طلبت من "سمية" أن أشتري بعضا من الفاكهة وقبل عودتنا بالفعل ذهبنا إلى محل عم "خليل" بائع الفاكهة المعتادة على التعامل معه دون غيره، وأخذت انتقي أفضل الثمرات من أنواع الفاكهة فلقد جذبني جدا "اللون الأحمر المشع للتفاح وللفراولة حتى العنب إلى أن فزعني رؤيت بعض الفواكه العطبة وسرب من الذباب يتطاير عليها بل رأيت أيضًا بعيني حقا الدود يتمخطر على بعضٍ منهم، وبعد كل هذا أسمع ما لا يسر عدو ولا حبيب حينما قال عم "خليل" بكل مرونة لمساعده بالمحل أحضر كرتونة وعبأ فيها كل هذي "الفاكهة " العطبة فلقد اقترب ميعاد حضور ياسر لأخذهم…
لم أسكت بعدها فلقد أصابتني الدهشة حد الفضول لكي أعرف من" ياسر" ! هذا الذي سوف يحضر ويدفع المال في هذا "العفن المتخمر"!
وبالفعل أسرع لساني في الاستفسار قائلاً بكل سخرية: وماذا سيفعل" ياسر" هذا يا عم "خليل "عفوا بهذة الفاكهة الغير طازجة فلم استطع وقتها نطق التعفن في وجهه خشية فقط بأن يمتنع عن إجابتي المرجوة منه و بالفعل أجابني وليته ما أجابني بل ليتني مت أنا وسمية قبل أن نستمع لما قاله :
ياسر هذا ..! يعمل عند صاحب محل العصير والكوكتيل الموجود على أول الطريق …!
لم نجد أمامنا أنا وسمية سوى التطلع لبعضنا البعض بتحملق شديد وترديد قول عم "خليل" "محل العصير ها الموجود على أول الطريق"..
ثم صرخت "سمية" في وجهي قائلة : لما لم تقتليني حينما ألححت عليكِ بالخروج ….!
تمت بحمد الله،،،
#كتابات_هبة_فرج_محمد
أتمنى أن تنال إعجابكم اللهم أمين.