ستودعهم دون دموع..!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
-#قال..
وسيأتي عليك ذلك الزمان..
الذي لا تسأل فيه قادما..
لماذا أتيت؟!..
أو تنتظر جوابا ممن غادروا..
لماذا ذهبتم؟!..
نعم..
سيأتي ذلك الزمان..
الذي تودع فيه كل عابر..
دون أن تتساقط من عينيك الدموع..
وكأنها حبات عقد مُزق خيطٌ يجمعها فانفرطت فجأة..
فلا تستطيع منعها..
سيأتي ذلك الزمان..
الذي تكف فيه عن التلويح-بقلبك لا بيديك-لأولئك الذين يقفون على الضفة الأخرى ليجاملوك بتلويحة غير عابئة..
تقول اذهب أكثر مما تدل على حزن الفراق ووجع البعاد..
كآخر تذكار يتركونه لك قبل أن تتماهى ظلالهم الكاذبة كقلوبهم ووعودهم..
وكأن الأمر كله يا سيدي لم يعد يشكل لديك فارقا..
فخارطة أحزانك المتسعة تلك أضحت ممتلئة عن آخرها..
ولم يعد بها مكان لحزن جديد..
وبؤس جديد..
وجرح جديد..
سيأتي عليك ذلك اليوم..
الذي تنظر فيه إلى الدروب التي تحمل بقايا خطاهم دون اكتراث..
تنظر إليها كأنها دروب خلاص من عبء كم أرهقَ خافقك وأثقل كاهلك دهرا دون أن تبدي..
آملا أن تعود كل الكسور كما كانت قبل أن يكسروها عمدا..
نعم..
تنظر دون أن تقف تلك الغصة الخانقة في حلقك مرة أخرى..
سيأتي ذلك اليوم..
دون أن يفزعك هاجس الغياب..
دون أن تخشى طول الانتظار..
أو أن تذوي صبرا دون أن يشعر بك ذلك الذي تكابد الصبر لأجله ويعجل بالفراق لأجل نفسه..
ثم تموت كثيرا أيضا ولا يشعر..
أتدرك لماذا؟!..
لأنك بالأصل لن تنتظر عودة من باع نفسه للمسافات بلا مقابل..
هل يعود أم لا؟!..
الأمس..
اليوم..
أو غدا..
وربما بعد العام القابل..
لم يعد الأمر مهما..
أتدرك يا عزيزي ما هذا؟!..
إنه قمة النضوج..
لكن لا شيء تبلغه بلا ثمن..
فالنضوج الذي أدركته بعد كل هذا الجهد..
يصاحبه تمام الانطفاء..
أن يموت شغفك بالأشياء..
بالأسماء..
والألوان والصور..
فأي شيء بعد كل هذا الحطام بداخلك سينكسر؟!..
ستمضي إلى حال سبيلك دونما احتراق..
وتطوي صفحاتك الخالية من الجواب..
فلا شيء هناك يُنتظر..
لا ربيع عشق يشق عتمة المواسم بعد..
ولا دفء حين البرد يعتذر..
حتى وإن اعتذر..
ففيم تجدي الاعتذارات؟!..
وكل ما في الجعاب أضحى فراغا..
وها هو السوق قد انفض بالأمس القريب..
فماذا حصدت غير الخسارات؟!..
انتهى..
(نص موثق)..
النص تحت مقصلة النقد..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي العابث..
كريم خيري العجيمي